(٥٤) سورة القمر
مكية وآيها خمس وخمسون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (٢) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (٣)
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) روي أن الكفار سألوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم آية فانشق القمر. وقيل معناه سينشق يوم القيامة ويؤيد الأول أنه قرئ «وقد انشق القمر» أي اقتربت الساعة وقد حصل من آيات اقترابها انشقاق القمر ، وقوله :
(وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا) عن تأملها والإيمان بها. (وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) مطرد وهو يدل على أنهم رأوا قبله آيات أخر مترادفة ومعجزات متتابعة حتى قالوا ذلك ، أو محكم من المرة يقال أمررته فاستمر إذا أحكمته فاستحكم ، أو مستبشع من استمر الشيء إذا اشتدت مرارته أو مارّ ذاهب لا يبقى.
(وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) وهو ما زين لهم الشيطان من رد الحق بعد ظهوره ، وذكرهما بلفظ الماضي للإشعار بأنهما من عادتهم القديمة. (وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) منته إلى غاية من خذلان أو نصر في الدنيا وشقاوة ، أو سعادة في الآخرة فإن الشيء إذا انتهى إلى غايته ثبت واستقر ، وقرئ بالفتح أي ذو مستقر بمعنى استقرار وبالكسر والجر على أنه صفة أمر ، وكل معطوف على الساعة.
(وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ)(٥)
(وَلَقَدْ جاءَهُمْ) في القرآن (مِنَ الْأَنْباءِ) أنباء القرون الخالية أو أنباء الآخرة. (ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) ازدجار من تعذيب أو وعيد ، وتاء الافتعال تقلب دالا مع الذال والدال والزاي للتناسب ، وقرئ «مزجر» بقلبها زايا وإدغامها.
(حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) غايتها لا خلل فيها وهي بدل من ما أو خبر لمحذوف ، وقرئ بالنصب حالا من ما فإنها موصولة أو مخصوصة بالصفة نصب الحال عنها. (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) نفي أو استفهام إنكار ، أي فأي غناء تغني النذر وهو جمع نذير بمعنى المنذر ، أو المنذر منه أو مصدر بمعنى الإنذار.
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ (٦) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ)(٨)
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) لعلمك بأن الإنذار لا يغني فيهم. (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) إسرافيل ، ويجوز أن يكون الدعاء فيه كالأمر في قوله : (كُنْ فَيَكُونُ) وإسقاط الياء اكتفاء بالكسرة للتخفيف وانتصاب (يَوْمَ) ب (يَخْرُجُونَ) أو بإضمار أذكر. (إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) فظيع تنكره النفوس لأنها لم تعهد مثله وهو هول يوم القيامة ، وقرأ ابن كثير بالتخفيف ، وقرئ «نكر» بمعنى أنكر.