(٥٠) سورة ق
مكية ، وهي خمس وأربعون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ)(٣)
(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) الكلام فيه كما مر في (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ). و (الْمَجِيدِ) ذو المجد والشرف على سائر الكتب ، أو لأنه كلام المجيد ، أو لأن من علم معانيه وامتثل أحكامه مجد.
(بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) إنكار لتعجبهم مما ليس بعجب ، وهو أن ينذرهم أحد من جنسهم أو من أبناء جلدتهم. (فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ) حكاية لتعجبهم ، وهذا إشارة إلى اختيار الله محمدا للرسالة ، وإضمار ذكرهم ثم إظهاره للأشعار بتعنتهم بهذا المقال ، ثم التسجيل على كفرهم بذلك أو عطف لتعجبهم من البعث على تعجبهم من البعثة ، والمبالغة فيه بوضع الظاهر موضع ضميرهم وحكاية تعجبهم مبهما إن كانت الإشارة إلى مبهم يفسره ما بعده ، أو مجملا إن كانت الإشارة إلى محذوف دل عليه منذر ، ثم تفسيره أو تفصيله لأنه أدخل في الإنكار إذ الأول استبعاد لأن يفضل عليهم مثلهم ، والثاني استقصار لقدرة الله تعالى عما هو أهون مما يشاهدون من صنعه.
(أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً) أي أنرجع إذا متنا وصرنا ترابا ، ويدل على المحذوف قوله : (ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ) أي بعيد عن الوهم أو العادة أو الإمكان. وقيل الرجع بمعنى المرجوع.
(قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (٤) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ)(٥)
(قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ) ما تأكل من أجساد موتاهم ، وهو رد لاستبعادهم بإزاحة ما هو الأصل فيه ، وقيل إنه جواب القسم واللام محذوف لطول الكلام. (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) حافظ لتفاصيل الأشياء كلها ، أو محفوظ عن التغيير ، والمراد إما تمثيل علمه بتفاصيل الأشياء بعلم من عنده كتاب محفوظ يطالعه ، أو تأكيد لعلمه بها بثبوتها في اللوح المحفوظ عنده.
(بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِ) يعني النبوة الثابتة بالمعجزات ، أو النبي صلىاللهعليهوسلم ، أو القرآن. (لَمَّا جاءَهُمْ) وقرئ «لمّا» بالكسر. (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) مضطرب من مرج الخاتم في إصبعه إذا خرج ، وذلك قولهم تارة أنه (شاعِرٌ) وتارة أنه (ساحِرٌ) وتارة أنه كاهن.
(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ)(٨)