له على ما قررناه في الكتب الأصولية.
(وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ (٣) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)(٤)
(وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ) الخروج من أوطانهم. (لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا) بالقتل والسبي كما فعل ببني قريظة. (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابُ النَّارِ) استئناف معناه أنهم إن نجوا من عذاب الدنيا لم ينجوا من عذاب الآخرة.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللهَ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) الإشارة إلى ما ذكر مما حاق بهم وما كانوا بصدده وما هو معد لهم أو إلى الأخير.
(ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ)(٥)
(ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ) أي شيء قطعتم من نخلة فعلة من اللون ويجمع على ألوان ، وقيل من اللين ومعناها النخلة الكريمة وجمعها أليان. (أَوْ تَرَكْتُمُوها) الضمير لما وتأنيثه لأنه مفسر باللينة. (قائِمَةً عَلى أُصُولِها) وقرئ «أصلها» اكتفاء بالضمة عن الواو أو على أنه كرهن. (فَبِإِذْنِ اللهِ) فبأمره. (وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) علة لمحذوف أي وفعلتم أو وأذن لكم في القطع ليجزيهم على فسقهم بما غاظهم منه. روي أنه عليهالسلام لما أمر بقطع نخيلهم قالوا : قد كنت يا محمد تنهى عن الفساد في الأرض فما بال قطع النخل وتحريقها فنزلت. واستدل به على جواز هدم ديار الكفار وقطع أشجارهم زيادة لغيظهم.
(وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)(٦)
(وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) وما أعاده عليه بمعنى صيره له أو رده عليه ، فإنه كان حقيقا بأن يكون له لأنه تعالى خلق الناس لعبادته وخلق ما خلق لهم ليتوسلوا به إلى طاعته فهو جدير بأن يكون للمطيعين. (مِنْهُمْ) من بني النضير أو من الكفرة. (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ) فما أجريتم على تحصيله من الوجيف وهو سرعة السير. (مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) ما يركب من الإبل غلب فيه كما غلب الراكب على راكبه ، وذلك إن كان المراد فيء بني النضير ، فلأن قراهم كانت على ميلين من المدينة فمشوا إليها رجالا غير رسول الله صلىاللهعليهوسلم فإنه ركب جملا أو حمارا ، ولم يجر مزيد قتال ولذلك لم يعط الأنصار منه شيئا إلا ثلاثة كانت بهم حاجة. (وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) بقذف الرعب في قلوبهم. (وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيفعل ما يريد تارة بالوسائط الظاهرة وتارة بغيرها.
(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)(٧)
(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) بيان للأول ولذلك لم يعطف عليه. (فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) اختلف في قسم الفيء ، فقيل يسدس لظاهر الآية ويصرف سهم الله في عمارة الكعبة وسائر المساجد ، وقيل يخمس لأن ذكر الله للتعظيم ويصرف الآن سهم الرسول عليه الصلاة