(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ذكره مع الإعادة كما ذكره مع كالإبداء لأنه كالمقدمة لهما. (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ).
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) بمكنوناتها.
(آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ(٧) وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(٨)
(آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) من الأموال التي جعلكم الله خلفاء في التصرف فيها فهي في الحقيقة له لا لكم ، أو التي استخلفكم عمن قبلكم في تملكها والتصرف فيها ، وفيه حث على الإنفاق وتهوين له على النفس. (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) وعد فيه مبالغات جعل الجملة اسمية وإعادة ذكر الإيمان والإنفاق وبناء الحكم على الضمير وتنكير الأجر ووصفه بالكبر.
(وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) أي وما تصنعون غير مؤمنين به كقولك : مالك قائما. (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ) حال من ضمير تؤمنون ، والمعنى أي عذر لكم في ترك الإيمان والرسول يدعوكم إليه بالحجج والآيات. (وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ) أي وقد أخذ الله ميثاقكم بالإيمان قبل ، وذلك بنصب الأدلة والتمكين من النظر ، والواو للحال من مفعول (يَدْعُوكُمْ) ، وقرأ أبو عمرو على البناء للمفعول ورفع (مِيثاقَكُمْ). (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) لموجب ما فإن هذا موجب لا مزيد عليه.
(هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (٩) وَما لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)(١٠)
(هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ) أي الله أو العبد. (مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان. (وَإِنَّ اللهَ بِكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) حيث نبهكم بالرسول والآيات ولم يقتصر على ما نصب لكم من الحجج العقلية.
(وَما لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا) وأي شيء لكم في (أَلَّا تُنْفِقُوا). (فِي سَبِيلِ اللهِ) فيما يكون قربة إليه. (وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يرث كل شيء فيهما فلا يبقى لأحد مال ، وإذا كان كذلك فإنفاقه بحيث يستخلف عوضا يبقي وهو الثواب كان أولى. (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً) بيان لتفاوت المنفقين باختلاف أحوالهم من السبق وقوة اليقين ، وتحري الحاجات حثا على تحري الأفضل منها بعد الحث على الإنفاق ، وذكر القتال للاستطراد وقسيم من أنفق محذوف لوضوحه ودلالة ما بعده عليه ، و (الْفَتْحِ) فتح مكة إذ عز الإسلام به وكثر أهله وقلت الحاجة إلى المقاتلة والإنفاق. (مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ) أي من بعد الفتح. (وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) أي وعد الله كلّا من المنفقين المثوبة الحسنى وهي الجنة. وقرأ ابن عامر «وكلّ» بالرفع على الابتداء أي وكل وعده الله ليطابق ما عطف عليه. (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) عالم بظاهره وباطنه فيجازيكم على حسبه ، والآية نزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه فإنه أول من آمن وأنفق في سبيل الله وخاصم الكفار حتى ضرب ضربا أشرف به على الهلاك.
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (١١) يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى