حَرْثِهِ) فنعطه بالواحد عشرا إلى سبعمائة فما فوقها. (وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها) شيئا منها على ما قسمنا له. (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) إذ الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى.
(أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٢١)
(أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ) بل ألهم شركاء ، والهمزة للتقرير والتقريع وشركاؤهم شياطينهم. (شَرَعُوا لَهُمْ) بالتزيين. (مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ) كالشرك وإنكار البعث والعمل للدنيا. وقيل شركاؤهم أوثانهم وإضافتها إليهم لأنهم متخذوها شركاء ، وإسناد الشرع إليها لأنها سبب ضلالتهم وافتتانهم بما تدينوا به ، أو صور من سنة لهم. (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ) أي القضاء السابق بتأجيل الجزاء ، أو العدة بأن الفصل يكون يوم القيامة. (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) بين الكافرين والمؤمنين ، أو المشركين وشركائهم. (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وقرئ «أن» بالفتح عطفا على كلمة (الْفَصْلِ) أي (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ) وتقدير عذاب الظالمين في الآخرة لقضي بينهم في الدنيا ، فإن العذاب الأليم غالب في عذاب الآخرة.
(تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢) ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ)(٢٣)
(تَرَى الظَّالِمِينَ) في القيامة. (مُشْفِقِينَ) خائفين. (مِمَّا كَسَبُوا) من السيئات. (وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ) أي وباله لاحق بهم أشفقوا أو لم يشفقوا. (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ) في أطيب بقاعها وأنزهها. (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ) أي ما يشتهونه ثابت لهم عند ربهم. (ذلِكَ) إشارة إلى المؤمنين. (هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) الذي يصغر دونه ما لغيرهم في الدنيا.
(ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ذلك الثواب الذي يبشرهم الله به فحذف الجار ثم العائد ، أو ذلك التبشير الذي يبشره الله عباده. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي (يُبَشِّرُ) من بشره وقرئ «يبشر» من أبشره. (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) على ما أتعاطاه من التبليغ والبشارة. (أَجْراً) نفعا منكم. (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) أي تودوني لقرابتي منكم ، أو تودوا قرابتي ، وقيل الاستثناء منقطع والمعنى : لا أسألكم أجرا قط ولكني أسألكم المودة ، و (فِي الْقُرْبى) حال منها أي (إِلَّا الْمَوَدَّةَ) ثابتة في ذوي (الْقُرْبى) متمكنة في أهلها ، أو في حق القرابة ومن أجلها كما جاء في الحديث «الحب في الله والبغض في الله». روي : أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودتهم علينا قال : «علي وفاطمة وابناهما». وقيل (الْقُرْبى) التقرب إلى الله أي إلا أن تودوا الله ورسوله في تقربكم إليه بالطاعة والعمل الصالح ، وقرئ «إلا مودة في القربى». (وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً) ومن يكتسب طاعة سيما حب آل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقيل نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه ومودته لهم. (نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً) في الحسنة بمضاعفة الثواب ، وقرئ «يزد» أي يزد الله وحسنى. (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لمن أذنب. (شَكُورٌ) لمن أطاع بتوفية الثواب والتفضل عليه بالزيادة.
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)(٢٤)