(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا) حين كفروا بالبعث. (إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ) إلى آثار قدرة الله تعالى في خلق العالم. (كَيْفَ بَنَيْناها) رفعناها بلا عمد. (وَزَيَّنَّاها) بالكواكب. (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) فتوق بأن خلقها ملساء متلاصقة الطباق.
(وَالْأَرْضَ مَدَدْناها) بسطناها. (وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ) جبالا ثوابت. (وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) أي من كل صنف. (بَهِيجٍ) حسن.
(تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) راجع إلى ربه متفكر في بدائع صنعه ، وهما علتان للأفعال المذكورة معنى وإن انتصبتا عن الفعل الأخير.
(وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩) وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ(١٠) رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ)(١١)
(وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً) كثير المنافع (فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ) أشجارا وأثمارا. (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) وحب الزرع الذي من شأنه أن يحصد كالبر والشعير.
(وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ) طوالا أو حوامل من أبسقت الشاة إذا حملت فيكون من أفعل فهو فاعل ، وإفرادها بالذكر لفرط ارتفاعها وكثرة منافعها. وقرئ «باصقات» لأجل القاف. (لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ) منضود بعضه فوق بعض ، والمراد تراكم الطلع أو كثرة ما فيه من الثمر.
(رِزْقاً لِلْعِبادِ) علة ل (أَنْبَتْنا) أو مصدر ، فإن الإنبات رزق. (وَأَحْيَيْنا بِهِ) بذلك الماء. (بَلْدَةً مَيْتاً) أرضا جدبة لا نماء فيها. (كَذلِكَ الْخُرُوجُ) كما حييت هذه البلدة يكون خروجكم أحياء بعد موتكم.
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (١٢) وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ (١٣) وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ)(١٤)
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ) أراد بفرعون إياه وقومه ليلائم ما قبله وما بعده. (وَإِخْوانُ لُوطٍ) أخدانه لأنهم كانوا أصهاره.
(وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ) سبق في «الحجر» و «الدخان». (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) أي كل واحد أو قوم منهم أو جميعهم ، وإفراد الضمير لإفراد لفظه. (فَحَقَّ وَعِيدِ) فوجب وحل عليه وعيدي ، وفيه تسلية للرسول صلىاللهعليهوسلم وتهديد لهم.
(أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٥) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)(١٦)
(أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) أي أفعجزنا عن الإبداء حتى نعجز عن الإعادة ، من عيي بالأمر إذا لم يهتد لوجه عمله والهمزة فيه للإنكار. (بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) أي هم لا ينكرون قدرتنا على الخلق الأول بل هم في خلط ، وشبهة في خلق مستأنف لما فيه من مخالفة العادة ، وتنكير الخلق الجديد لتعظيم شأنه والإشعار بأنه على وجه غير متعارف ولا معتاد.
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) ما تحدثه به نفسه وهو ما يخطر بالبال ، والوسوسة الصوت الخفي ومنها وسواس الحلي ، والضمير ل (ما) إن جعلت موصولة والباء مثلها في صوت بكذا ، أو ل (الْإِنْسانَ) إن جعلت مصدرية والباء للتعدية. (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) أي ونحن أعلم بحاله ممن