الكافرين يومئذ وأيّا ما كان ف (عَلَى الْكافِرِينَ) متعلق ب (عَسِيرٌ) وقيل بمحذوف وهو صفة لعسير أو حال من المستكن فيه وأجاز أبو البقاء تعلقه ب (يَسِيرٍ) في قوله تعالى (غَيْرُ يَسِيرٍ) وهو الذي يقتضيه كلام قتادة وتعقبه أبو حيان بأنه ينبغي أن لا يجوز لأن فيه تقديم معمول المضاف إليه على المضاف وهو ممنوع على الصحيح وقد أجازه بعضهم في غير حملا لها على لا فيقول أنا بزيد غير راض وزعم الحوفي أن إذا متعلقة بإنذار والفاء زائدة ، وأراد أنها مفعول به لأنذر كأنه قيل قم فأنذرهم وقت النقر في الناقور. وقوله تعالى (فَذلِكَ) إلخ جملة مستأنفة في موضع التعليل وهو كما ترى. وجوز أبو البقاء تخريج الآية على قول الأخفش بأن تكون «إذا» مبتدأ والخبر (فَذلِكَ) والفاء زائدة وجعل (يَوْمَئِذٍ) ظرفا لذلك ولا أظنك في مرية من أنه كلام أخفش. وقال بعض الأجلة إن ذلك مبتدأ وهو إشارة إلى المصدر أي فذلك النقر وهو العامل في (يَوْمَئِذٍ) و (يَوْمٌ عَسِيرٌ) خبر المبتدأ والمضاف مقدر أي فذلك النقر في ذلك اليوم نقر يوم وفيه تكلف وعدول عن الظاهر مع أن عسر اليوم غير مقصود بالإفادة عليه ، وظاهر السياق قصده بالإفادة وجعل العلامة الطيبي هذه الآية من قبيل ما اتحد فيه الشرط والجزاء نحو : «من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله» إذ جعل الإشارة إلى وقت النقر وقال : إن في ذلك مع ضم التكرير دلالة على التنبيه على الخطب الجليل والأمر العظيم وفيه نظر وفائدة قوله سبحانه (غَيْرُ يَسِيرٍ) أي سهل بعد قوله تعالى (عَسِيرٌ) تأكيد عسره على الكافرين فهو يمنع أن يكون عسيرا عليهم من وجه دون وجه يشعر بتيسره على المؤمنين كأنه قيل : عسير على الكافرين غير يسير عليهم كما هو يسير على أضدادهم المؤمنين ، ففيه جمع بين وعيد الكافرين وزيادة غيظهم وبشارة المؤمنين وتسليتهم ولا يتوقف هذا على تعلق على الكافرين بيسير ، نعم الأمر عليه أظهر كما لا يخفى ثم مع هذا لا يخلو قلب المؤمن من الخوف. أخرج ابن سعيد والحاكم عن بهز بن حكيم قال : أمّنا زرارة بن أوفى فقرأ المدثر فلما بلغ (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) خر ميتا فكنت فيمن حمله. وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وحنى جبهته يستمع متى يؤمر». قالوا كيف نقول يا رسول الله؟ قال : «قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل وعلى الله توكلنا» واختلف في أن المراد بذلك الوقت يوم النفخة الأولى أو يوم النفخة الثانية ، ورجع أنه يوم الثانية لأنه الذي يختص عسره بالكافرين ، وأما وقت النفخة الأولى فحكمه الذي هو الإصعاق يعم البر والفاجر وهو على المشهور مختص بمن كان حيا عند وقوع النفخة (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) نزلت في الوليد بن المغيرة المخزومي كما روي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة وغيرهم ، بل قيل كونها فيه متفق عليه وهو يقتضي أن هذه السورة لم تنزل جملة إذ لم يكن أمر الوليد وما اقتضى نزول الآية فيه في بدء البعثة فلا تغفل و (وَحِيداً) حال إما من الياء في (ذَرْنِي) وهو المروي عن مجاهد أي ذرني وحدي معه فأنا أغنيك في الانتقام عن كل منتقم أو من التاء في (خَلَقْتُ) أي خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد فأنا أهلكه لا أحتاج إلى ناصر في إهلاكه أو من الضمير المحذوف العائد على (مَنْ) على ما استظهره أبو حيان أي ومن خلقته وحيدا فريدا لا مال له ولا ولد ، وجوز أن يكون منصوبا بأذم ونحوه فقد كان الوليد يلقب في قومه بالوحيد فتهكم الله تعالى به وبلقبه أو صرفه عن الغرض الذي كانوا يؤمونه من مدحه والثناء عليه إلى جهة ذمه وعيبه فأراد سبحانه وحيدا في الخبث والشرارة أو وحيدا عن أبيه لأنه كان دعيا لم يعرف نسبه للمغيرة حقيقة كما مر في سورة نون (وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً) مبسوطا كثيرا أو ممدودا بالنساء من مد النهر ومده نهر آخر وقيل كان له الضرع والزرع والتجارة. وعن ابن عباس هو ما كان له بين