مكة والطائف من الإبل والنعم والجنان والعبيد وقيل كان له بستان بالطائف لا تنقطع ثماره صيفا وشتاء. وقال النعمان بن بشير المال الممدود هو الأرض لأنها مدت. وعن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه المستغل الذي يجبي شهرا بعد شهر فهو ممدود لا ينقطع. وعن ابن عباس ومجاهد وابن جبير كان له ألف دينار. وعن قتادة ستة آلاف دينار وقيل تسعة آلاف دينار. وعن سفيان الثوري روايتان أربعة آلاف دينار وألف ألف دينار وهذه الأقوال إن صحت ليس المراد بها تعيين المال الممدود وأنه متى أطلق يراد به ذلك بل بيان أنه كان بالنسبة إلى المحدث عنه كذا (وَبَنِينَ شُهُوداً) حضورا معه بمكة يتمتع بمشاهدتهم لا يفارقونه للتصرف في عمل أو تجارة لكونهم مكفيين لوفور نعمهم وكثرة خدمهم أو حضورا في الأندية والمحافل لوجاهتهم واعتبارهم أو تسمع شهاداتهم فيما يتحاكم فيه واختلف في عددهم فعن مجاهد أنهم عشرة وقيل ثلاثة عشر وقيل سبعة كلهم رجال الوليد بن الوليد وخالد وهشام وقد أسلم هؤلاء الثلاثة والعاص وقيس وعبد شمس وعمارة واختلف الرواية فيه أنه قتل يوم بدر أو قتله النجاشي لجناية نسبت إليه في حرم الملك والروايتان متفقتان على أنه قتل كافرا ورواية الثعلبي عن مقاتل إسلامه لا تصح ونص ابن حجر على أن ذلك غلط وقد وقع في هذا الغلط صاحب الكشاف وتبعه فيه من تبعه ، والعجب أيضا أنهم لن يذكروا الوليد بن الوليد فيمن أسلم مع أن المحدثين عن آخرهم أطبقوا على إسلامه (وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً) بسطت له الرئاسة والجاه العريض فأتممت عليه نعمتي الجاه والمال واجتماعهما هو الكمال عند أهل الدنيا ، وأصل التمهيد التسوية والتهيئة وتجوز به عن بسطة المال والجاه وكان لكثرة غناه ونضارة حاله الرائقة في الأعين منظرا ومخبرا يلقب ريحانة قريش. وكذا كانوا يلقبونه بالتوحيد بمعنى المنفرد باستحقاق الرئاسة. وعن ابن عباس وسعت له ما بين اليمن إلى الشام. وعن مجاهد مهدت له المال بعضه فوق بعض كما يمهد الفراش (ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ) على ما أديته وهو استبعاد واستنكار لطمعه وحرصه إما لأنه في غنى تام لا مزيد على ما أوتي سعة وكثرة أو لأنه مناف لما هو عليه من كفران النعم ومعاندة المنعم. وعن الحسن وغيره أنه كان يقول إن كان محمد صادقا فما خلقت الجنة إلّا لي واستعمال (ثُمَ) للاستبعاد كثير قيل وهو غير التفاوت الرتبي بل عد الشيء بعيدا غير مناسب لما عطف عليه كما تقول تسيء إليّ ثم ترجو إحساني. وكان ذلك لتنزيل البعد المعنوي منزلة البعد الزماني (كَلَّا) ردع وزجر له عن طمعه الفارغ وقطع لرجائه الخائب وقوله سبحانه (إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) جملة مستأنفة استئنافا بيانا لتعليل ما قبل كأنه قيل لم زجر عن طلب المزيد وما وجه عدم لياقته فقيل إنه كان معاندا لآيات المنعم وهي دلائل توحيده أو الآيات القرآنية حيث قال فيها ما قال والمعاندة تناسب الإزالة وتمنع من الزيادة قال مقاتل : ما زال الوليد بعد نزول هذه الآية في نقص من ماله وولده حتى هلك (سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً) سأغشيه عقبة شاقة المصعد وهو مثل لما يلقى من العذاب الشاق الصعب الذي لا يطاق شبه ما يسوقه الله تعالى له من المصائب وأنواع المشاق بتكليف الصعود في الجبال الوعرة الشاقة وأطلق لفظه عليه على سبيل الاستعارة التمثيلية وروى أحمد والترمذي والحاكم وصححه وجماعة عن أبي سعيد الخدري مرفوعا : «الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي فيه كذلك أبدا» وعنه صلىاللهعليهوسلم : «يكلف أن يصعد عقبة في النار كلما وضع عليها يده ذابت وإذا رفعها عادت وإذا وضع رجله ذابت فإذا رفعها عادت» (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ) تعليل للوعيد واستحقاقه له أو بيان لعناده لآياته عزوجل فيكون جملة مفسرة لذلك لا محل لها من الإعراب وما بينهما اعتراض وقيل الجملة عليه بدل من قوله تعالى (إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً) أي إنه فكر ما ذا يقول في شأن القرآن وقدر في نفسه ما يقول (فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) تعجيب من تقديره وإصابته فيه