(ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١١٣) وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (١١٤)
____________________________________
العلم (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) فى الصلاة (الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) بالطاعة والإيمان (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) عن الشرك والمعاصى والعطف فيه للدلالة على أن المتعاطفين بمنزلة خصلة واحدة وأما قوله تعالى (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) أى فيما بينه وعينه من الحقائق والشرائع عملا وحملا للناس عليه فلئلا يتوهم* اختصاصه بأحد الوجهين (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) أى الموصوفين بالنعوت المذكورة ووضع المؤمنين موضع* ضميرهم للتنبيه على أن ملاك الأمر هو الإيمان وأن المؤمن الكامل من كان كذلك وحذف المبشر به للإيذان بخروجه عن حد البيان وفى تخصيص الخطاب بالأولين إظهار زيادة اعتناء بأمرهم من الترغيب والتسلية (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) بالله وحده أى ما صح لهم فى حكم الله عزوجل وحكمته وما استقام (أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ) به سبحانه (وَلَوْ كانُوا) أى المشركون (أُولِي قُرْبى) أى ذوى قرابة لهم* وجواب لو محذوف لدلالة ما قبله عليه والجملة معطوفة على جملة أخرى قبلها محذوفة حذفا مطردا كما بين فى قوله تعالى (وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) ونظائره. روى أنه صلىاللهعليهوسلم قال لعمه أبى طالب لما حضرته الوفاة يا عم قل كلمة أحاج لك بها عند الله فأبى فقال صلىاللهعليهوسلم لا أزال أستغفر لك ما لم أنه عنه فنزلت وقيل لما افتتح مكة خرج إلى الأبواء فزار قبر أمه ثم قام مستعبرا فقال إنى استأذنت ربى فى زيارة قبر أمى فأذن لى واستأذنته فى الاستغفار لها فلم يأذن لى وأنزل على الآيتين (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ) أى للنبى صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين (أَنَّهُمْ) * أى المشركين (أَصْحابُ الْجَحِيمِ) بأن ماتوا على الكفر أو نزل الوحى بأنهم يموتون على ذلك (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ) بقوله (وَاغْفِرْ لِأَبِي) أى بأن توفقه للإيمان وتهديه إليه كما يلوح به تعليله بقوله (إِنَّهُ كانَ مِنَ الضَّالِّينَ) والجملة استئناف مسوق لتقرير ما سبق ودفع ما يتراءى بحسب الظاهر من المخالفة وقرىء وما استغفر إبراهيم لأبيه وقرىء وما يستغفر إبراهيم على حكاية الحال الماضية وقوله تعالى (إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ) استثناء مفرغ من أعم العلل أى لم يكن استغفاره عليهالسلام لأبيه آزر ناشئا عن شىء من الأشياء إلا عن موعدة (وَعَدَها) إبراهيم عليه الصلاة والسلام (إِيَّاهُ) أى أباه وقد قرىء كذلك بقوله* (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) وقوله (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) بناء على رجاء إيمانه لعدم تبين حقيقة أمره وإلا لما وعدها إياه كأنه قيل وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة مبينة على عدم تبين أمره كما ينبىء عنه قوله تعالى (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ) أى لإبراهيم بأن أوحى إليه أنه مصر على الكفر غير مؤمن أبدا وقيل بأن مات على* الكفر والأول هو الأنسب بقوله تعالى (أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ) فإن وصفه بالعداوة مما يأباه حالة الموت (تَبَرَّأَ