(فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١٧)
____________________________________
تعالى (مِنَ اللهِ) متعلقة بمحذوف هو صفة لغضب مؤكدة لما أفاده التنوين من الفخامة والهول بالفخامة* الإضافية أى بغضب كائن منه تعالى (وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ) أى بدل ما أراد بفراره أن يأوى إليه من مأوى ينجيه* من القتل (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) فى إيقاع البوء فى موقع جواب الشرط الذى هو التولية مقرونا بذكر* المأوى والمصير من الجزالة ما لا مزيد عليه. عن ابن عباس رضى الله عنهما أن الفرار من الزحف من أكبر الكبائر وهذا إذا لم يكن العدو أكثر من الضعف لقوله تعالى (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ) الآية وقيل الآية مخصوصة بأهل بيته والحاضرين معه فى الحرب (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ) رجوع إلى بيان بقية أحكام الواقعة وأحوالها وتقرير ما سبق منها والفاء جواب شرط مقدر يستدعيه ما مر من ذكر إمداده تعالى وأمره بالتثبيت وغير ذلك كأنه قيل إذا كان الأمر كذلك فلم تقتلوهم أنتم بقوتكم وقدرتكم (وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ) بنصركم* وتسليطكم عليهم وإلقاء الرعب فى قلوبهم ويجوز أن يكون التقدير إذا علمتم ذلك فلم تقتلوهم أى فاعلموا أو فأخبركم أنكم لم تقتلوهم وقيل التقدير إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم على أحد التأويلين لما روى أنهم لما انصرفوا من المعركة غالبين غانمين أقبلوا يتفاخرون يقولون قتلت وأسرت وفعلت وتركت فنزلت وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين طلعت قريش من العقنقل قال هذه قريش جاءت بخيلائها وفخرها يكذبون رسولك اللهم إنى أسألك ما وعدتى فأتاه جبريل عليهالسلام فقال خذ قبضة من تراب فارمهم بها فلما التقى الجمعان قال لعلى رضى الله عنه أعطنى قبضة من حصباء الوادى فرمى بها فى وجوههم وقال شاهت الوجوه فلم يبق مشرك إلا شغل بعينيه فانهزموا وذلك قوله عزوجل بطريق تلوين الخطاب (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى) تحقيقا لكون الرمى الظاهر على يده صلىاللهعليهوسلم حينئذ من أفعاله عزوجل وتجريد الفعل عن المفعول به لما أن المقصود الأصلى بيان حال الرمى نفيا وإثباتا إذ هو الذى ظهر منه ما ظهر وهو المنشأ لتغير المرمى به فى نفسه وتكثره إلى حيث أصاب عينى كل واحد من أولئك الأمة الجمة شىء من ذلك أى وما فعلت أنت يا محمد تلك الرمية المستتبعة لهذه الآثار العظيمة حقيقة حين فعلتها صورة وإلا لكان أثرها من جنس آثار الأفاعيل البشرية ولكن الله فعلها أى خلقها حين باشرتها لكن لا على نهج عادته تعالى فى خلق أفعال العباد بل على وجه غير معتاد ولذلك أثرت هذا التأثير الخارج عن طوق البشر ودائرة القوى والقدر فمدار إثباتها لله تعالى ونفيها عنه صلىاللهعليهوسلم كون أثرها من أفعاله صلىاللهعليهوسلم وقرىء ولكن الله بالتخفيف والرفع فى المحلين واللام فى قوله تعالى (وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ) أى ليعطيهم من عنده* تعالى (بَلاءً حَسَناً) أى عطاء جميلا غير مشوب بمقاساة الشدائد والمكاره إما متعلقة بمحذوف متأخر* فالواو اعتراضية أى وللإحسان إليهم بالنصر والغنيمة فعل ما فعل لا لشىء غير ذلك مما لا يجديهم نفعا وإما برمى فالواو للعطف على علة محذوفة أى ولكن الله رمى ليمحق الكافرين وليبلى الخ وقوله تعالى (إِنَ