(قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ (٧٨) وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (٧٩) فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ (٨٠) فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) (٨١)
____________________________________
(قالُوا أَجِئْتَنا) الخ مسوق لبيان أنه صلىاللهعليهوسلم ألقمهم الحجر فانقطعوا عن الإتيان بكلام له تعلق بكلامه صلىاللهعليهوسلم فضلا عن الجواب الصحيح واضطروا إلى التشبث بذيل التقليد الذى هو دأب كل عاجز محجوج وديدن كل معاند لجوج على أنه استئناف وقع جوابا عما قبله من كلامه صلىاللهعليهوسلم على طريقة قوله تعالى (قالَ مُوسى) الخ حسبما أشير إليه كأنه قيل فماذا قالوا لموسى عليهالسلام عندما قال لهم ما قال فقيل قالوا عاجزين عن المحاجة أجئتنا (لِتَلْفِتَنا) أى لتصرفنا فإن الفتل واللفت أخوان (عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) أى من عبادة الأصنام* ولا ريب فى أن ذلك إنما يتسنى بكون ما ذكر من تتمة كلامه عليهالسلام على الوجه الذى شرح إذ على تقدير كونه محكيا من قبلهم يكون جوابه عليهالسلام خاليا عن التبكيت الملجىء لهم إلى العدول عن سنن المحاجة ولا ريب فى أنه لا علاقة بين قولهم أجئتنا الخ وبين إنكاره عليهالسلام لما حكى عنهم مصصحة لكونه جوابا عنه (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ) أى الملك أو التكبر على الناس باستتباعهم وقرىء ويكون* بالياء التحتانية وكلمة فى فى قوله تعالى (فِي الْأَرْضِ) أى أرض مصر متعلقة بتكون أو بالكبرياء أو* بالاستقرار فى لكما لوقوعه خبرا أو بمحذوف وقع حالا من الكبرياء أو من الضمير فى لكما لتحمله إياه (وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ) أى بمصدقين فيما جئتما به وتثنية الضمير فى هذين الموضعين بعد إفراده فيما تقدم* من المقامين باعتبار شمول الكبرياء لهما عليهماالسلام واستلزام التصديق لأحدهما التصديق للآخر وأما اللفت والمجىء له فحيث كانا من خصائص صاحب الشريعة أسند إلى موسى عليهالسلام خاصة (وَقالَ فِرْعَوْنُ) توحيد الفعل لأن الأمر من وظائف فرعون أى قال لملئه يأمرهم بترتيب مبادى إلزامهما عليهماالسلام بالفعل بعد اليأس من إلزامها بالقول (ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) بفنون السحر حاذق ماهر فيه وقرىء سحار (فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ) عطف على مقدر يستدعيه المقام قد حذف إيذانا بسرعة امتثالهم لأمر فرعون كما هو شأن الفاء الفصيحة فى كل مقام أى فأتوا به فلما جاءوا (قالَ لَهُمْ مُوسى) لكن لا فى ابتداء مجيئهم بل بعد ما قالوا له عليهالسلام* ما حكى عنهم فى السور الآخر من قولهم إما أن تلقى وإما أن نكون نحن الملقين ونحو ذلك (أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ) * أى ملقون له كائنا ما كان من أصناف السحر (فَلَمَّا أَلْقَوْا) ما ألقوا من العصى والحبال واسترهبوا الناس وجاءوا بسحر عظيم (قالَ) لهم (مُوسى) غير مكترث بهم وبما صنعوا (ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ) ما موصولة*