(قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ (١٠١) فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ حَقًّا عَلَيْنا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) (١٠٣)
____________________________________
فلا يحصل لهم الهداية التى عبر عنها بالإذن فيبقون مغمورين بقبائح الكفر والضلال أو مقهورين بالعذاب والنكال والجملة معطوفة على مقدر ينسحب عليه النظم الكريم كأنه قيل فيأذن لهم بمنح الألطاف ويجعل الخ (قُلِ) مخاطبا لأهل مكة بعثا لهم على التدبر فى ملكوت السموات والأرض وما فيهما من* تعاجيب الآيات الأنفسية والآفاقية ليتضح لك أنهم من الذين لا يعقلون وحقت عليهم الكلمة (انْظُرُوا) * أى تفكروا وقرىء بنقل حركة الهمزة إلى لام قل (ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أى أى شىء بديع فيهما من عجائب صنعه الدالة على وحدته وكمال قدرته على أن ماذا جعل بالتركيب اسما واحدا مغلبا فيه الاستفهام على اسم الإشارة فهو مبتدأ خبره الظرف ويجوز أن يكون ما مبتدأ وذا بمعنى الذى والظرف صلته والجملة خبر للمبتدأ وعلى التقديرين فالمبتدأ والخبر فى محل النصب بإسقاط الخافض وفعل النظر* معلق بالاستفهام (وَما تُغْنِي) أى ما تنفع وقرىء بالتذكير (الْآياتُ) وهى التى عبر عنها بقوله تعالى* (ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ (وَالنُّذُرُ) جمع نذير على أنه فاعل بمعنى منذر أو على أنه مصدر أى لا تنفع* الآيات والرسل المنذرون أو الإنذارات (عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) فى علم الله تعالى وحكمه فما نافية والجملة إما حالية أو اعتراضية ويجوز كون ما استفهامية إنكارية فى موضع النصب على المصدرية أى أى إغناء تغنى الخ فالجملة حينئذ اعتراضية (فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ) أى مشركو مكة وأضرابهم (إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا) * أى إلا يوما مثل أيام الذين خلوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) من مشركى الأمم الماضية أى مثل وقائعهم ونزول بأس* الله بهم إذ لا يستحقون غيره من قولهم أيام العرب لوقائعها (قُلْ) تهديدا لهم (فَانْتَظِرُوا) ما هو عاقبتكم (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) لذلك (ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنا) بالتشديد وقرىء بالتخفيف وهو عطف على مقدر يدل عليه قوله مثل أيام الذين خلوا وما بينهما اعتراض جىء به مسارعة إلى التهديد ومبالغة فى تشديد* الوعيد كأنه قيل أهلكنا الأمم ثم نجينا رسلنا المرسلة إليهم (وَالَّذِينَ آمَنُوا) وصيغة الاستقبال لحكاية الأحوال الماضية لتهويل أمرها باستحضار صورها وتأخير حكاية التنجية عن حكاية الإهلاك على عكس ما فى* قوله تعالى (فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ) الخ ونظائره الواردة فى مواقع عديدة ليتصل به قوله عزوجل (كَذلِكَ) * أى مثل ذلك الإنجاء (حَقًّا عَلَيْنا) اعتراض بين العامل والمعمول أى حق ذلك حقا وقيل بدل من المحذوف* الذى ناب عنه كذلك أى إنجاء مثل ذلك حقا والكاف متعلقة بقوله تعالى (نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) أى من كل شدة وعذاب والجملة تذييل لما قبلها مقرر لمضمونه والمراد بالمؤمنين إما الجنس المتناول للرسل عليهمالسلام والأتباع وإما الأتباع فقط وإنما لم يذكر إنجاء الرسل إيذانا بعدم الحاجة إليه وأيا ما كان ففيه