(وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩) وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ) (٣٠)
____________________________________
أنكم تخونون أو وأنتم علماء تميزون الحسن من القبيح (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) لأنها سبب الوقوع فى الإثم والعقاب أو مجنة من الله عزوجل ليبلوكم فى ذلك فلا يحملنكم حبهما على الخيانة* كأبى لبابة (وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) لمن آثر رضاه تعالى عليهما وراعى حدوده فيهما فنيطوا هممكم بما يؤديكم إليه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تكرير الخطاب والوصف بالإيمان لإظهار كمال العناية بما بعده* والإيذان بأنه مما يقتضى الإيمان مراعاته والمحافظة عليه كما فى الخطابين السابقين (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ) أى فى* كل ما تأتون وما تذرون (يَجْعَلْ لَكُمْ) بسبب ذلك (فُرْقاناً) هداية فى قلوبكم تفرقون بها بين الحق والباطل أو نصرا يفرق بين المحق والمبطل بإعزاز المؤمنين وإذلال الكافرين أو مخرجا من الشبهات أو نجاة عما تحذرون فى الدارين أو ظهورا يشهر أمركم وينشر صيتكم من قولهم بت أفعل كذا حتى سطع* الفرقان أى الصبح (وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) أى يسترها (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) ذنوبكم بالعفو والتجاوز عنها وقيل السيئات الصغائر والذنوب الكبائر وقيل المراد ما تقدم وما تأخر لأنها فى أهل بدر وقد غفرهما* الله تعالى لهم وقوله تعالى (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) تعليل لما قبله وتنبيه على أن ما وعده الله تعالى لهم على التقوى تفضل منه وإحسان لا أنه مما يوجبه التقوى كما إذا وعد السيد عبده إنعاما على عمل (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا) منصوب على المفعولية بمضمر خوطب به النبى صلىاللهعليهوسلم معطوف على قوله تعالى (وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ) الخ مسوق لتذكير النعمة الخاصة به صلىاللهعليهوسلم بعد تذكير النعمة العامة للكل أى واذكر وقت مكرهم* بك (لِيُثْبِتُوكَ) بالوثاق ويعضده قراءة من قرأ ليقيدوك أو الاثخان بالجرح من قولهم ضربه حتى أثبته* لا حراك به ولا براح وقرىء ليثبتوك بالتشديد وليبيتوك من البيات (أَوْ يَقْتُلُوكَ) أى بسيوفهم (أَوْ يُخْرِجُوكَ) أى من مكة وذلك أنهم لما سمعوا بإسلام الأنصار ومبايعتهم له صلىاللهعليهوسلم فرقوا واجتمعوا فى دار الندوة يتشاورون فى أمره صلىاللهعليهوسلم فدخل إبليس عليهم فى صورة شيخ وقال أنا من نجد سمعت باجتماعكم فاردت أن أحضركم ولن تعدموا منى رأيا ونصحا فقال أبو البحترى رأيى أن تحبسوه فى بيت وتسدوا منافذه غير كوة تلقون إليه طعامه وشرابه منها حتى يموت فقال الشيخ بئس الرأى يأتيكم من يقاتلكم من قومه ويخلصه من أيديكم فقال هشام بن عمرو رأيى أن تحملوه على جمل وتخرجوه من أرضكم فلا يضركم ما صنع فقال وبئس الرأى يفسد قوما غيركم ويقاتلكم بهم فقال أبو جهل أنا أرى أن تأخذوا