(قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) (٨١)
____________________________________
بِكُمْ قُوَّةً) أى لفعلت بكم ما فعلت وصنعت ما صنعت كقوله تعالى (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) (أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) عطف على (أَنَّ لِي بِكُمْ) إلى آخره لما فيه من معنى الفعل* أى لوقويت على دفعكم بنفسى أو أويت إلى ناصر عزيز قوى أتمنع به عنكم شبهه بركن الجبل فى الشدة والمنعة وروى عن النبى صلىاللهعليهوسلم رحم الله أخى لوطا كان يأوى إلى ركن شديد. روى أنه عليهالسلام أغلق بابه دون أضيافه وأخذ يجادلهم من وراء الباب فتسور والجدار فلما رأت الملائكة ما على لوط من الكرب (قالُوا) أى الرسل لما شاهدوا عجزه عن مدافعة قومه (يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) بضرر ولا مكروه فافتح الباب ودعنا وإياهم ففتح الباب فدخلوا فاستأذن جبريل عليهالسلام ربه رب العزة جل جلاله فى عقوبتهم فأذن له فقام فى الصورة التى يكون فيها فنشر جناحه وله جناحان وعليه وشاح من در منظوم وهو براق الثنايا فضرب بجناحه وجوههم فطمس أعينهم وأعماهم كما قال عز وعلا (فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ) فصاروا لا يعرفون الطريق فخرجوا وهم يقولون النجاء النجاء فإن فى بيت لوط قوما سحرة (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) بالقطع من الإسراء وقرأ ابن كثير ونافع بالوصل حيث جاء فى القرآن من السرى والفاء لترتيب الأمر بالإسراء على الإخبار برسالتهم المؤذنة بورود الأمر والنهى من جنابه عزوجل إليه عليهالسلام (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) بطائفة منه (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ) أى لا يتخلف أولا ينظر إلى ورائه (أَحَدٌ) منك ومن* أهلك وإنما نهوا عن ذلك ليجدوا فى السير فإن من يلتفت إلى ما وراءه لا يفلو عن أدنى وقفة أو لئلا يروا ما ينزل بقومهم من العذاب فيرقوا لهم (إِلَّا امْرَأَتَكَ) استثناء من قوله تعالى (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) ويؤيده أنه* قرىء فأسر بأهلك بقطع من الليل إلا امرأتك وقرىء بالرفع على البدل من أحد فالالتفات بمعنى التخلف لا بمعنى النظر إلى الخلف كيلا يلزم التناقض بين القراءتين المتواترتين فإن النصب يقتضى كونه عليهالسلام غير مأمور بالإسراء بها والرفع كونه مأمورا بذلك والاعتذار بأن مقتضى الرفع إنما هو مجرد كونها معهم وذلك لا يستدعى الأمر بالإسراء بها حتى يلزم المناقضة لجواز أن تسرى هى بنفسها كما يروى أنه عليهالسلام لما أسرى بأهله تبعتهم فلما سمعت هدة العذاب التفتت وقالت يا قوماه فأدركها حجر فقتلها وأن يسرى بها عليهالسلام من غير أمر بذلك إذ موجب النصب إنما هو عدم الأمر بالإسراء بها لا النهى عن الإسراء بها حتى يكون عليهالسلام بالإسراء بها مخالفا للنهى لا يجدى نفعا لأن انصراف الاستثناء إلى الالتفات يستدعى بقاء الأهل على العموم فيكون الإسراء بها مأمورا به قطعا وفى حمل الأهلية فى إحدى القراءتين على الأهلية الدينية وفى الأخرى على النسبية مع أن فيه مالا يخفى من التحكم والاعتساف كر على مافر منه من المناقضة فالأولى حينئذ جعل الاستثناء على القراءتين من قوله لا يلتفت مثل الذى فى قوله تعالى (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) فإن ابن عامر قرأه بالنصب وإن كان الأفصح الرفع على البدل ولا بعد فى كون أكثر القراء