(وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) (٨٩)
____________________________________
للسعادات الروحانية والجسمانية أن أخون فى وحيه وأخالفه فى أمره ونهيه فبمعزل من ذلك وإنما يناسب تقديره إن حمل كلامهم على الحقيقة وأريد بالصلاة الدين على معنى أدينك يأمرك أن تكلفنا بترك عبادة آلهتنا القديمة وترك التصرف المطلق فى أموالنا وتخالفنا فى ذلك وتشق عصانا وهذا مما لا ينبغى أن يصدر عنك فإنك أنت المشهور بالحلم الفاضل والرشد الكامل فيما بيننا كما كان قول قوم صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا مسرودا على ذلك النمط فأجيبوا بما أجيبوا به وعلى هذا الوجه يكون المراد بالرزق الحسن الحلال الذى آتاه الله تعالى والمعنى حينئذ أخبرونى إن كنت نبيا من عند الله تعالى ورزقنى مالا* حلالا أستغنى به عن العالمين أيصح أن أخالف أمره وأوافقكم فيما تأتون وما تذرون (وَما أُرِيدُ) بنهيى* إياكم عما أنهاكم عنه من البخس والتطفيف (أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ) أى أقصده بعد ما وليتم عنه وأستبد به دونكم يقال خالفت زيدا إلى كذا إذا قصدته وهو مول؟؟؟ عنه وخالفته عن كذا إذا كان الأمر* على العكس (إِنْ أُرِيدُ) أى ما أريد بما أباشره من الأمر والنهى (إِلَّا الْإِصْلاحَ) إلا أن أصلحكم بالنصيحة* والموعظة (مَا اسْتَطَعْتُ) أى مقدار ما استطعته من الإصلاح والتقييد به للاحتراز عن الاكتفاء بالإصلاح* فى الجملة لا عن إرادة ما ليس فى وسعه منه (وَما تَوْفِيقِي) أى كونى موفقا لتحقيق ما أنتحيه من إصلاحكم* (إِلَّا بِاللهِ) أى بتأييده ومعونته بل الإصلاح من حيث الخلق مستند إليه سبحانه وإنما أنا من مباديه الظاهرة قاله عليهالسلام تحقيقا للحق وإزاحة لما عسى يوهمه إسناد الاستطاعة إليه بإرادته من استبداده* بذلك (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) فى ذلك معرضا عما عداه فإنه القادر على كل مقدور وما عداه عاجز محض فى حد* ذاته بل معدوم ساقط عن درجة الاعتبار بمعزل عن مرتبة الاستمداد به والاستظهار (وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) أى أرجع فيما أنا بصدده ويجوز أن يكون المراد وما كونى موفقا لإصابة الحق والصواب فى كل ما آتى وأذر إلا بهدايته ومعونته عليه توكلت وهو إشارة إلى محض التوحيد الذاتى والفعلى وإليه أنيب أى عليه أقبل بشراشر نفسى فى مجامع أمورى وإيثار صيغة الاستقبال على الماضى الأنسب للتقرر والتحقق كما فى التوكل لاستحضار الصورة والدلالة على الاستمرار ولا يخفى ما فى جوابه عليهالسلام من مراعاة لطف المراجعة ورفق الاستنزال والمحافظة على قواعد حسن المجاراة والمحاورة وتمهيد معاقد الحق بطلب التوفيق من جناب الله تعالى والاستعانة به فى أموره وحسم أطماع الكفار وإظهار الفراغ عنهم وعدم المبالاة بمعاداتهم وأما تهديدهم بالرجوع إلى الله تعالى للجزاء كما قيل فلا لأن الإنابة إنما هى الرجوع الاختيارى بالفعل إلى الله تعالى لا الرجوع الاضطرارى للجزاء أو ما يعمه (وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ) أى لا يكسبنكم* من جرمته ذنبا مثل كسبته مالا (شِقاقِي) معاداتى وأصلهما أن أحد المتعاديين يكون فى عدوة وشق* والآخر فى آخر (أَنْ يُصِيبَكُمْ) مفعول ثان ليجرمنكم أى لا يكسبنكم معاداتكم لى أن يصيبكم