(وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ (١٠١) وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) وَما نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ) (١٠٤)
____________________________________
(وَما ظَلَمْناهُمْ) بأن أهلكناهم (وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بأن جعلوها عرضة للهلاك بافتراف ما يوجبه* (فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ) فما نفعتهم ولا دفعت بأس الله تعالى عنهم (آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ) أى يعبدونها (مِنْ دُونِ اللهِ) أوثر صيغة المضارع حكاية للحال الماضية أو دلالة على استمرار عبادتهم لها (مِنْ شَيْءٍ) فى* موضع المصدر أى شيئا من الإغناء (لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ) أى حين مجىء عذابه وهو منصوب بأغنت وقرىء* آلهتهم اللاتى ويدعون على البناء للمجهول (وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ) أى إهلاك وتخسير فإنهم إنما هلكوا وخسروا بسبب عبادتهم لها (وَكَذلِكَ) أى ومثل ذلك الأخذ الذى مر بيانه وهو رفع على الابتداء* وخبره قوله (أَخْذُ رَبِّكَ) وقرىء أخذ ربك فمحل الكاف النصب على أنه مصدر مؤكد (إِذا أَخَذَ الْقُرى) * أى أهلها وإنما أسند إليها للإشعار بسريان أثره إليها حسبما ذكر وقرىء إذ أخذ (وَهِيَ ظالِمَةٌ) حال من القرى وهى فى الحقيقة لأهلها لكنها لما أقيمت مقامهم فى الأخذ أجريت الحال عليها وفائدتها الإشعار* بأنهم إنما أخذوا بظلمهم ليكون ذلك عبرة لكل ظالم (إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) وجميع صعب على المأخوذ لا يرجى منه الخلاص وفيه مالا يخفى من التهديد والتحذير (إِنَّ فِي ذلِكَ) أى فى أخذه تعالى للأمم المهلكة* أو فى قصصهم (لَآيَةً) لعبرة (لِمَنْ خافَ عَذابَ الْآخِرَةِ) فإنه المعتبر به حيث يستدل بما حاق بهم من العذاب الشديد بسبب ما عملوا من السيئات على أحوال عذاب الآخرة وأما من أنكر الآخرة وأحال فناء العالم وزعم أن ليس هو ولا شىء من أحواله مستندا إلى الفاعل المختار وأن ما يقع فيه من الحوادث فإنما يقع لأسباب تقتضيه من أوضاع فلكية تتفق فى بعض الأوقات لا لما ذكر من المعاصى التى يقترفها* الأمم الهالكة فهو بمعزل من هذا الاعتبار تبا لهم ولما لهم من الأفكار (ذلِكَ) إشارة إلى يوم القيامة* المدلول عليه بذكر الآخرة (يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ) أى يجمع له الناس للمحاسبة والجزاء والتغيير للدلالة على ثبات معنى الجمع وتحقق وقوعه لا محالة وعدم انفكاك الناس عنه فهو أبلغ من قوله تعالى (يَوْمَ* يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ (وَذلِكَ) أى يوم القيامة مع ملاحظة عنوان جمع الناس له (يَوْمٌ مَشْهُودٌ) أى مشهود فيه حيث يشهد فيه أهل السموات والأرضين فاتسع فيه بإجراء الظرف مجرى المفعول به كما فى قوله [فى محفل من نواصى الناس مشهود] أى كثير شاهدوه ولو جعل نفس اليوم مشهودا لفات ما هو الغرض من تعظيم اليوم وتهويله وتمييزه عن غيره فإن سائر الأيام أيضا كذلك (وَما