(قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٥)
____________________________________
كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) روى عن جابر رضى الله عنه أن يهوديا جاء إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فقال أخبرنى يا محمد عن النجوم التى رآهن يوسف عليهالسلام فسكت النبى صلىاللهعليهوسلم فنزل جبريل عليهالسلام فأخبره بذلك فقال صلىاللهعليهوسلم إذا أخبرتك بذلك هل تسلم فقال نعم قال صلىاللهعليهوسلم جريان والطارق والذيال وقابس وعمودان والفليق والمصبح والضروح والفرع ووثاب وذو الكتفين رآها يوسف عليهالسلام والشمس والقمر نزلن من السماء وسجدن له فقال اليهودى أى والله إنها لأسماؤها وقيل الشمس والقمر أبواه وقيل أبوه وخالته والكواكب إخوته وإنما أخر الشمس والقمر عن الكواكب لإظهار مزيتهما وشرفهما على سائر الطوالع بعطفهما عليها كما فى عطف جبريل وميكائيل على الملائكة عليهمالسلام وقد جوز أن تكون الواو بمعنى مع أى رأيت الكواكب مع الشمس والقمر ولا يبعد أن يكون ذلك إشارة إلى تأخر ملاقاته عليهالسلام لهما عن ملاقاته لإخوته وعن وهب أن يوسف عليهالسلام رأى وهو ابن سبع سنين أن إحدى عشرة عصا طوالا كانت مركوزة فى الأرض كهيئة الدارة وإذا عصا صغيرة تثب عليها حتى اقتعلتها وغلبتها فوصف ذلك لأبيه فقال إياك أن تذكر هذا لإخوتك ثم رأى وهو ابن ثنتى عشرة سنة الشمس والقمر والكواكب تسجد له فقصها على أبيه فقال لا تقصها عليهم فيبغوا لك الغوائل وقيل كان بين* رؤيا يوسف ومصير إخوته إليه أربعون سنة وقيل ثمانون (رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) استئناف ببيان حالهم التى رآهم عليها كأن سائلا سأل فقال كيف رأيتهم فأجاب بذلك وإنما أجريت مجرى العقلاء فى الضمير لوصفها بوصف العقلاء أعنى السجود وتقديم الجار والمجرور لإظهار العناية والاهتمام بما هو الأهم مع ٥ ما فى ضمنه من رعاية الفاصلة (قالَ يا بُنَيَّ) صغره للشفقة أولها ولصغر السن وهو أيضا استئناف مبنى على سؤال من قال فماذا قال يعقوب بعد سماع هذه الرؤيا العجيبة ولما عرف يعقوب عليهالسلام من هذه الرؤيا أن يوسف يبلغه الله تعالى مبلغا جليلا من الحكمة ويصطفيه للنبوة وينعم عليه بشرف الدارين كما فعل بآبائه الكرام خاف عليه حسد الأخوة وبغيهم فقال صيانة لهم من ذلك وله من معاناة المشاق ومقاساة الأحزان وإن كان واثقا بأن الله تعالى سيحقق ذلك لا محالة وطمعا فى حصوله بلا مشقة* (لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ) هى ما فى المنام كما أن الرؤية ما فى اليقظة فرق بينهما بحرفى التأنيث كما فى القربى والقربة وحقيقتها ارتسام الصورة المنحدرة من أفق المتخيلة إلى الحس المشترك والصادقة منها إنما تكون باتصال النفس بالملكوت لما بينهما من التناسب عند فراغها من تدبير البدن أدنى فراغ فتتصور بما فيها مما يليق من المعانى الحاصلة هناك ثم إن المتخيلة تحاكيه بصورة تناسبه فترسلها إلى الحس المشترك فتصير مشاهدة ثم إذا كانت شديدة المناسبة لذلك المعنى بحيث لا يكون التفاوت إلا بالكلية والجزئية* استغنت الرؤيا عن التعبير وإلا احتاجت إليه (عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا) نصب باضمار أن أى فيفعلوا