النفس أو الشيطان إن لم تكن كذلك والأحاديث اسم جمع للحديث كالأباطيل اسم جمع للباطل لا جمع أحدوثة وقيل كأنهم جمعوا حديثا على أحدثة ثم جمعوا الجمع على أحاديث كقطيع وأقطعة وأقاطيع وقيل هو تأويل غوامض كتب الله تعالى وسنن الأنبياء عليهمالسلام والأول هو الأظهر وتسمية التعبير تأويلا لأنه جعل المرئى آيلا إلى ما يذكره المعبر بصدد التعبير ورجعه إليه فكأنه عليه الصلاة والسلام أشار بذلك إلى ما سيقع من يوسف عليهالسلام من تعبيره لرؤيا صاحبى السجن ورؤيا الملك وكون ذلك ذريعة إلى ما يبلغه الله تعالى إليه من الرياسة العظمى التى عبر عنها بإتمام النعمة وإنما عرف يعقوب عليهالسلام ذلك منه من جهة الوحى أو أراد كون هذه الخصلة سببا لظهور أمره عليهالسلام على الإطلاق فيجوز حينئذ أن تكون معرفته عليهالسلام لذلك بطريق الفراسة والاستدلال من الشواهد والدلائل والأمارات والمخايل بأن من وفقه الله تعالى لمثل هذه الرؤيا لا بد من توفيقه لتعبيرها وتأويل أمثالها وتمييز ما هو آفاقى منها مما هو أنفسى كيف لا وهى تدل على كمال تمكن نفسه عليهالسلام فى عالم المثال وقوة تصرفاتها فيه فيكون أقبل لفيضان المعارف المتعلقة بذلك العالم وبما يحاكيه من الأمور الواقعة بحسبها فى عالم الشهادة وأقوى وقوفا على النسب الواقعة بين الصور المعاينة فى أحد ذينك العالمين وبين الكائنات الظاهرة على وفقها فى العالم الآخر وأن هذا الشأن البديع لا بد أن يكون أنموذجا لظهور أمر من اتصف به ومدارا لجريان أحكامه فإن لكل نبى من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام* معجزة بها تظهر آثاره وتجرى أحكامه (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) بأن يضم إلى النبوة المستفادة من الاجتباء الملك ويجعله تتمة لها وتوسيط ذكر التعليم المذكور بينهما لكونه من لوازم النبوة والاجتباء ولرعاية ترتيب الوجود الخارجى ولما أشرنا إليه من كون أثره وسيلة إلى تمام النعمة ويجوز أن يعد نفس الرؤيا* من نعم الله تعالى عليه فيكون جميع النعم الواصلة إليه بحسبها مصداقا لها تماما لتلك النعمة (وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ) وهم أهله من بنيه وغيرهم فإن رؤية يوسف عليهالسلام إخوته كواكب يهتدى بأنوارها من نعم الله تعالى عليهم لدلالتها على مصير أمرهم إلى النبوة فيقع كل ما يخرج من القوة إلى الفعل من كمالاتهم بحسب ذلك تماما لتلك النعمة لا محالة وأما إذا أريد بتمام تلك النعمة الملك فكونه كذلك* بالنسبة إليهم باعتبار أنهم يغتنمون آثاره من العز والجاه والمال (كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ) نصب على المصدرية أى ويتم نعمته عليك إتماما كائنا كإتمام نعمته على أبويك وهى نعمة الرسالة والنبوة وإتمامها على إبراهيم عليهالسلام باتخاذه خليلا وإنجائه من النار ومن ذبح الولد وعلى إسحق بإنجائه من الذبح وفدائه بذبح عظيم وبإخراج يعقوب والأسباط من صلبه وكل ذلك نعم جليلة وقعت تتمة لنعمة النبوة ولا يجب فى تحقيق التشبيه كون ذلك فى جانب المشبه به مثل ما وقع فى جانب المشبه من كل وجه* (مِنْ قَبْلُ) أى من قبل هذا الوقت أو من قبلك (إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ) عطف بيان لأبويك والتعبير عنهما بالأب مع كونهما أبا جده وأبا أبيه للإشعار بكمال ارتباطه بالأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام وتذكير معنى الولد سر أبيه ليطمئن قلبه بما أخبر به فى ضمن التعبير الإجمالى لرؤياه والاقتصار فى المشبه به على ذكر إتمام النعمة من غير تعرض للاجتباء من باب الاكتفاء فإن إتمام النعمة