(فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلا تَقْرَبُونِ (٦٠) قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَإِنَّا لَفاعِلُونَ (٦١) وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٦٢) فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٦٣)
____________________________________
(فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي) من بعد فضلا عن إيفائه (وَلا تَقْرَبُونِ) بدخول بلادى فضلا عن الإحسان فى الإنزال والضيافة وهو إما نهى أو نفى معطوف على محل الجزاء وفيه دليل على أنهم كانوا على نية الامتيار مرة بعد أخرى وأن ذلك كان معلوما له عليهالسلام (قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ) أى سنخادعه عنه ونحتال فى انتزاعه من يده ونجتهد فى ذلك وفيه تنبيه على عزة المطلب وصعوبة مناله (وَإِنَّا لَفاعِلُونَ) ذلك غير مفرطين فيه ولا متوانين أو لقادرون عليه لا نتعانى به (وَقالَ) يوسف (لِفِتْيانِهِ) غلمانه الكيالين جمع فتى وقرىء لفتيته وهى جمع قلة له (اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ) فإنه وكل بكل رحل* رجلا يعبى فيه بضاعتهم التى شروا بها الطعام وكانت نعالا وأدما وإنما فعله عليهالسلام تفضلا عليهم وخوفا من أن لا يكون عند أبيه ما يرجعون به مرة أخرى وكل ذلك لتحقيق ما يتوخاه من رجوعهم بأخيه كما يؤذن به قوله (لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها) أى يعرفون حق ردها والتكرم فى ذلك أو لكى يعرفوها وهو ظاهر* التعلق بقوله (إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ) فإن معرفتهم لها مقيدة بالرجوع وتفريغ الأوعية قطعا وأما معرفة* حق التكرم فى ردها فهى وإن كانت فى ذاتها غير مقيدة بذلك لكن لما كان ابتداؤها حينئذ قيدت به (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) حسبما أمرتهم به فإن التفضل عليهم بإعطاء البدلين ولا سيما عند إعواز البضاعة من* أقوى الدواعى إلى الرجوع وما قيل إنما فعله عليهالسلام لما لم ير من الكرم أن يأخذ من أبيه وإخوته ثمنا فكلام حق فى نفسه ولكن يأباه التعليل المذكور وأما أن علية الجعل المذكور للرجوع من حيث إن ديانتهم تحملهم على رد البضاعة لأنهم لا يستحلون إمساكهم فمداره حسبانهم أنها بقيت فى رحالهم نسيانا وظاهر أن ذلك مما لا يخطر ببال أحد أصلا فإن هيئة التعبية تنادى بأن ذلك بطريق التفضل ألا يرى أنهم كيف جزموا بذلك حين رأوها وجعلوا ذلك دليلا على التفضلات السابقة كما ستحيط به خبرا (فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا) قبل أن يشتغلوا بفتح المتاع (يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ) أى فيما بعد وفيه مالا يخفى من الدلالة على كون الامتيار مرة بعد مرة معهودا فيما بينهم وبينه عليهالسلام (فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا) * بنيامين إلى مصر وفيه إيذان بأن مدار المنع عدم كونه معهم (نَكْتَلْ) بسببه من الطعام ما نشاء وقرأ حمزة*