(قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٦٤) وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) (٦٥)
____________________________________
* والكسائى بالياء على إسناده إلى الأخ لكونه سببا للاكتيال أو يكتل لنفسه مع اكتيالنا (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) من أن يصيبه مكروه (قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ) يوسف (مِنْ قَبْلُ) وقد قلتم فى حقه أيضا* ما قلتم ثم فعلتم به ما فعلتم فلا أثق بكم ولا بحفظكم وإنما أفو الأمر إلى الله (فَاللهُ خَيْرٌ حافِظاً) وقرىء* حفظا وانتصابهما على التمييز والحالية على القراءة الأولى توهم تقيد الخيرية بتلك الحالة (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) فأرجو أن يرحمنى بحفظه ولا يجمع على مصيبتين وهذا كما ترى ميل منه عليهالسلام إلى الإيذان والإرسال لما رأى فيه من المصلحة (وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ) أى تفضلا وقد* علموا ذلك بما مر من دلالة الحال وقرىء بنقل حركة الدال المدغمة إلى الراء كما قيل فى قيل وكيل (قالُوا) استئناف مبنى على السؤال كأنه قيل ماذا قالوا حينئذ فقيل قالوا لأبيهم ولعله كان حاضرا عند الفتح* (يا أَبانا ما نَبْغِي) إذا فسر البغى بالطلب فما إما استفهامية منصوبة به فالمعنى ماذا نبتغى وراء ما وصفنا لك من إحسان الملك إلينا وكرمه الداعى إلى امتثال أمره والمراجعة إليه فى الحوايج وقد كانوا أخبروه بذلك وقالوا له إنا قدمنا على خير رجل أنزلنا وأكرمنا كرامة لو كان رجلا من آل يعقوب ما أكرمنا* كرامته وقوله تعالى (هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا) جملة مستأنفة موضحة لما دل عليه الإنكار من بلوغ اللطف غايته كأنهم قالوا كيف لا وهذه بضاعتنا ردها إلينا تفضلا من حيث لا ندرى بعد ما من علينا من المنن العظام هل من مزيد على هذا فنطلبه ولم يريدوا به الاكتفاء بذلك مطلقا أو التقاعد عن طلب نظائره بل أرادوا الاكتفاء به فى استيجاب الامتثال لأمره والالتجاء إليه فى استجلاب المزيد كما أشرنا إليه وقوله تعالى (رُدَّتْ إِلَيْنا) حال من (بِضاعَتُنا) والعامل معنى الإشارة وإيثار صيغة البناء للمفعول للإيذان بكمال الإحسان الناشىء عن كمال الإخفاء المفهوم من كمال غفلتهم عنه بحيث لم يشعروا به ولا يفاعله وقوله* عزوجل (وَنَمِيرُ أَهْلَنا) أى نجلب إليهم الطعام من عند الملك معطوف على مقدر ينسحب عليه رد البضاعة* أى فنستظهر بها ونمير أهلنا (وَنَحْفَظُ أَخانا) من المكاره حسبما وعدنا فما يصيبه من مكروه (وَنَزْدادُ) أى* بواسطته ولذلك وسط الإخبار بحفظه بين الأصل والمزيد (كَيْلَ بَعِيرٍ) أى وسق بعير زائدا على أوساق* أباعرنا على قضية التقسيط (ذلِكَ) أى ما يحمله أباعرنا (كَيْلٌ يَسِيرٌ) أى مكيل قليل لا يقوم بأودنا فهو استئناف وقع تعليلا لما سبق كانه قيل أى حاجة إلى الازدياد فقيل ما قيل أو ذلك الكيل الزائد شىء قليل لا يضايقنا فيه الملك أو سهل عليه لا يتعاظمه أو أى مطلب نطلب من مهماتنا والجملة الواقعة بعده توضيح