(قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) (٦٦)
____________________________________
وبيان لما يشعر به الإنكار من كونهم فائزين ببعض المطالب أو متمكنين من تحصيله فكأنهم قالوا بضاعتنا حاضرة فنستظهر بها ونمير أهلنا ونحفظ أخانا فما يصيبه شىء من المكاره ونزداد بسببه غير ما نكتاله لأنفسنا كيل بعير فأى شىء نبتغى وراء هذه المباغى وقرىء ما تبغى على خطاب يعقوب عليهالسلام أى أى شىء تبغى وراء هذه المباغى المشتملة على سلامة أخينا وسعة ذات أيدينا أو وراء ما فعل بنا الملك من الإحسان داعيا إلى التوجه إليه والجملة الاستئنافية موضحة لذلك أو أى شىء تبغى شاهدا على صدقنا فيما وصفنا لك من إحسانه والجملة المذكورة عبارة عن الشاهد المدلول عليه بفحوى الإنكار. وإما نافية فالمعنى ما نبغى شيئا غير ما رأينا من إحسان الملك فى وجوب المراجعة إليه أو ما نبغى غير هذه المباغى وقيل ما نطلب منك بضاعة أخرى والجملة المستأنفة تعليل له وأما إذا فسر البغى بمجاوزة الحد فما نافية فقط والمعنى ما نبغى فى القول وما نتزيد فيما وصفنا لك من إحسان الملك إلينا وكرمه الموجب لما ذكر والجملة المستأنفة لبيان ما ادعوا من عدم البغى وقوله (وَنَمِيرُ أَهْلَنا) عطف على (ما نَبْغِي) أى ما نبغى فيما ذكرنا من إحسانه وتحصيل أمثاله من مير أهلنا وحفظ أخينا فإن ذلك أهون شىء بواسطة إحسانه وقد جوز أن يكون كلاما مبتدأ أى جملة اعتراضية تذييلية على معنى وينبغى أن نمير أهلنا وشبه ذلك بقولك سعيت فى حاجة فلان ويجب أن أسعى وأنت خبير بأن شأن الجمل التذييلية أن تكون مؤكدة لمضمون الصدر ومقررة له كما فى المثال المذكور وقولك فلان ينطق بالحق فالحق أبلج وإن قوله (وَنَمِيرُ) الخ وإن ساعدنا فى حمله على معنى ينبغى أن نمير أهلنا بمعزل من ذلك أو ما نبغى فى الرأى وما نعدل عن الصواب فيما نشير به عليك من إرسال أخينا معنا والجمل إلى آخرها تفصيل وبيان لعدم بغيهم وإصابة رأيهم أى بضاعتنا حاضرة نستظهر بها ونمير أهلنا ونصنع كيت وذيت فتأمل (قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ) بعد ما عاينت منكم ما عاينت (حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) أى ما أتوثق به من جهة الله عزوجل وإنما جعله موثقا منه تعالى لأن تأكيد* العهود به مأذون فيه من جهته تعالى فهو إذن منه عزوجل (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) جواب القسم إذ المعنى حتى تحلفوا* بالله لتأتننى به (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) أى إلا أن تغلبوا فلا تطيقوا به أو إلا أن تهلكوا وأصله من إحاطة* العدو فإن من أحاط به العدو فقد هلك غالبا وهو استثناء من أعم الأحوال أو أعم العلل على تأويل الكلام بالنفى الذى ينساق إليه أى لتأنننى به ولا تمتنعن منه فى حال من الأحوال أو لعلة من العلل إلا حال الإحاطة بكم أو لعلة الإحاطة بكم ونظيره قولهم أقسمت عليك لما فعلت وإلا فعلت أى ما أريد منك إلا فعلك وقد جوز الأول بلا تأويل أيضا أى لتأتننى به على كل حال إلا حال الإحاطة بكم وأنت تدرى أنه حيث لم يكن الإتيان به من الأفعال الممتدة الشاملة للأحوال على سبيل المعية كما فى قولك لألزمنك إلا أن تعطينى حقى ولم يكن مراده عليهالسلام مقارنته على سبيل البدل لما عدا الحال المستثناة كما إذا قلت صل إلا أن تكون