(قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ (٧٤) قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٧٥) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) (٧٦)
____________________________________
(قالُوا) أى أصحاب يوسف عليهالسلام (فَما جَزاؤُهُ) الضمير للصواع على حذف المضاف أى فما جزاء* سرقته عندكم وفى شريعتكم (إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ) لا فى دعوى البراءة عن السرقة فإنهم صادقون فيها بل فيما يستلزمه ذلك من نفى كون الصواع فيهم كما يؤذن به قوله عزوجل(قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ) أى أخذ من* وجد الصواع (فِي رَحْلِهِ) حيث ذكر بعنوان الوجدان فى الرحل دون عنوان السرقة وإن كان ذلك مستلزاما لها فى اعتقادهم المبنى على قواعد العادة ولذلك أجابوا بما أجابوا فإن الأخذ والاسترقاق سنة إنما هو جزاء السارق دون من وجد فى يده مال غيره كيفما كان فتأمل واحمل كلام كل فريق على مالا* يزاحم رأيه فإنه أقرب إلى معنى الكيد وأبعد من الافتراء وقوله تعالى (فَهُوَ جَزاؤُهُ) تقرير لذلك الحكم أى فأخذه جزاؤه كقولك حق الضيف أن يكرم فهو حقه ويجوز أن يكون جزاؤه مبتدأ والجملة الشرطية كما هى خبره على إقامة الظاهر مقام المضمر والأصل جزاؤه من وجد فى رحله فهو هو على أن الأول لمن* والثانى للظاهر الذى وضع موضعه (كَذلِكَ) أى مثل ذلك الجزاء الأوفى (نَجْزِي الظَّالِمِينَ) بالسرقة تأكيد للحكم المذكور غب تأكيد وبيان لقبح السرقة ولقد فعلوا ذلك ثقة بكمال براءتهم عنها وهم عما فعل بهم غافلون (فَبَدَأَ) يوسف بعد ما رجعوا إليه للتفتيش (بِأَوْعِيَتِهِمْ) بأوعية الأخوة العشرة أى بتفتيشها* (قَبْلَ) تفتيش (وِعاءِ أَخِيهِ) بنيامين لنفى النهمة. روى أنه لما بلغت النوبة إلى وعائه قال ما أظن هذا أخذ* شيئا فقالوا والله لا نتركه حتى تنظر فى رحله فإنه أطيب لنفسك وأنفسنا (ثُمَّ اسْتَخْرَجَها) أى السقاية أو* الصواع فإنه يذكر ويؤنث (مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ) لم يقل منه على رجع الضمير إلى الوعاء أو من وعائه على رجعه إلى أخيه قصدا إلى زيادة كشف وبيان وقرىء بضم الواو وبقلبها همزة كما فى أشاح فى وشاح* (كَذلِكَ) نصب على المصدرية والكاف مقحمة للدلالة على فخامة المشار إليه وكذا ما فى ذلك من معنى البعد أى مثل ذلك الكيد العجيب وهو عبارة عن إرشاد الأخوة إلى الافتاء المذكور بإجرائه على* على ألسنتهم وبحملهم عليه بواسطة المستفتين من حيث لم يحتسبوا فمعنى قوله عزوجل (كِدْنا لِيُوسُفَ) صنعنا له ودبرنا لأجل تحصيل غرضه من المقدمات التى رتبها من دس الصواع وما يتلوه فاللام ليست* كما فى قوله (فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً) فإنها داخلة على المتضرر على ما هو الاستعمال الشائع وقوله تعالى (ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ) استئناف وتعليل لذلك الكيد وصنعه لا تفسير وبيان له كما قيل كأنه قيل لماذا فعل ذلك فقيل لأنه لم يكن ليأخذ أخاه بما فعله فى دين الملك فى أمر السارق أى فى سلطانه قاله ابن عباس