أو فى حكمه وقضائه قاله قتادة إلا به لأن جزاء السارق فى دينه إنما كان ضربه وتغريمه ضعف ما أخذ دون الاسترقاق والاستبعاد كما هو شريعة يعقوب عليهالسلام فلم يكن يتمكن بما صنعه من أخذ أخيه بالسرقة التى نسبها إليه فى حال من الأحوال (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) أى إلا حال مشيئته التى هى عبارة عن إرادته* لذلك الكيد أو إلا حال مشيئته للأخذ بذلك الوجه ويجوز أن يكون الكيد عبارة عنه وعن مباديه المؤدية إليه جميعا من إرشاد يوسف وقومه إلى ما صدر عنهم من الأفعال والأقوال حسبما شرح مرتبا لكن لا على أن يكون القصر المستفاد من تقديم المجرور مأخوذا بالنسبة إلى غيره مطلقا على معنى مثل ذلك الكيد كدنا لا كيدا آخر إذ لا معنى لتعليله بعجز يوسف عن أخذ أخيه فى دين الملك فى شأن السارق قطعا إذ لا علاقة بين مطلق الكيد ودين الملك فى أمر السارق أصلا بل بالنسبة إلى بعضه على معنى مثل ذلك الكيد البالغ إلى هذا الحد كدنا له ولم نكتف ببعض من ذلك لأنه لم يكن يأخذ أخاه فى دين الملك به إلا حال مشيئتنا له بإيجاد ما يجرى مجرى الجزاء الصورى من العلة التامة وهو إرشاد إخوته إلى الافتاء المذكور وعلى هذا ينبغى أن يحمل القصر فى تفسير من فسر قوله تعالى (كِدْنا لِيُوسُفَ) بقوله علمناه إياه وأوحينا به إليه أى مثل ذلك التعليم المستتبع لما شرح مرتبا علمناه دون بعض من ذلك فقط الخ وعلى كل حال فالاستثناء من أعم الأحوال كما أشير إليه ويجوز أن يكون من أعم العلل والأسباب أى لم يكن يأخذ أخاه لعلة من العلل أو بسبب من الأسباب إلا لعلة مشيئته تعالى أو إلا بسبب مشيئته تعالى وأيا ما كان فهو متصل لأن أخذ السارق إذا كان ممن يرى ذلك ويعتقده دينا لا سيما عند رضاه وإفتائه به ليس مخالفا لدين الملك وقد قيل معنى الاستثناء إلا أن يشاء الله أن يجعل ذلك الحكم حكم الملك وأنت تدرى أن المراد بدينه ما عليه حينئذ فتغييره مخل بالاتصال وإرادة مطلق ما يتدين به أعم منه ومما يحدث تفضى إلى كون الاستثناء من قبيل التطبيق بالمحال إذا المقصود بيان عجز يوسف عليهالسلام عن أخذ أخيه حينئذ ولم تتعلق المشيئة بالجعل المذكور إذ ذاك وإرادة عجزه مطلقا تؤدى إلى خلاف المراد فإن استثناء حال المشيئة المذكورة من أحوال عجزه عليهالسلام مما يشعر بعدم الحاجة إلى الكيد المذكور فتدبر وقد جوز الانقطاع أى لكن أخذه بمشيئة الله تعالى وإذنه فى دين غير دين الملك (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ) أى رتبا كثيرة عالية من العلم وانتصابها* على المصدرية أو الظرفية أو على نزع الخافض أى إلى درجات والمفعول قوله تعالى (مَنْ نَشاءُ) أى نشاء رفعه* حسبما تقتضيه الحكمة وتستدعيه المصلحة كما رفعنا يوسف وإيثار صيغة الاستقبال للإشعار بأن ذلك سنة مستمرة غير مختصة بهذه المادة والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ) من أولئك* المرفوعين (عَلِيمٌ) لا ينالون شأوه واعلم أنه إن جعل الكيد عبارة عن المعنيين الأولين فالمراد برفع يوسف* عليهالسلام ما اعتبر فيه بالشرطية او الشرطية من إرشاده عليهالسلام إلى دس الصواع فى رحل أخيه وما يتفرع عليه من المقدمات المرتبة لاستبقاء أخيه مما يتم من قبله والمعنى أرشدنا أخوته إلى الافتاء المذكور لأنه لم يكن متمكنا من أخذ أخيه بدونه أو أرشدنا كلا منهم ومن يوسف وأصحابه إلى ما صدر عنهم ولم نكتف بما نم من قبل يوسف فقط لأنه لم يكن متمكنا من أخذ أخيه بذلك فقوله تعالى (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ) إلى