(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (٩٣) وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ (٩٤) قالُوا تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (٩٥) فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) (٩٦)
____________________________________
أو بقوله (يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ) لأنه حينئذ صفح عن جريمتهم وعفا عن جريرتهم بما فعلوا من التوبة (وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) يغفر الصغائر والكبائر ويتفضل على التائب بالقبول ومن كرمه عليه الصلاة والسلام أن إخوته أرسلوا إليه إنك تدعونا إلى طعامك بكرة وعشيا ونحن نستحيى منك بما فرط منا فيك فقال عليه الصلاة والسلام إن أهل مصر وإن ملكت فيهم كانوا ينظرون إلى بالعين الأولى ويقولون سبحان من بلغ عبدا بيع بعشرين درهما ما بلغ ولقد شرفت بكم الآن وعظمت فى العيون حيث علم الناس إنكم إخوتى وأنى من حفدة إبراهيم عليه الصلاة والسلام (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا) قيل هو الذى كان عليه حينئذ وقيل هو القميص المتوارث الذى كان فى التعويذ أمره جبريل بإرساله إليه وأوحى إليه أن فيح ريح الجنة لا يقع على مبتلى إلا عوفى (فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً) يكن بصيرا أو يأت إلى بصيرا وينصره* قوله (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) أى بأبى وغيره ممن ينتظمه لفظ الأهل جميعا من النساء والذرارى.* قبل إنما حمل القميص يهوذا وقال أنا أحزنته بحمل القميص ملطخا بالدم إليه فأفرحه كما أحزنته وقيل حمله وهو حاف حاسر من مصر إلى كنعان وبينهما مسيرة ثمانين فرسخا (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ) خرجت من عريش مصر يقال فصل من البلد فصولا إذا انفصل منه وجاوز حيطانه وقرأ ابن عباس رضى الله تعالى عنهما انفصل العير (قالَ أَبُوهُمْ) يعقوب عليه الصلاة والسلام لمن عنده (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) أوجده* الله سبحانه ما عبق بالقميص من ريح يوسف من ثمانين فرسخا حين أقبل به يهوذا (لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) أى تنسبونى إلى الفند وهو الخرف وإنكار العقل وفساد الرأى من هرم يقال شيخ مفند ولا يقال عجوز مفندة إذ لم تكن فى شبيبتها ذات رأى فتفند فى كبرها وجواب لو لا محذوف أى لصدقتمونى (قالُوا) أى الحاضرون عنده (تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) لفى ذهابك عن الصواب قدما فى إفراط محبنك ليوسف* ولهجك بذكره ورجائك للقائه وكان عندهم أنه قد مات (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) وهو يهوذا (أَلْقاهُ) أى ألقى البشير القميص (عَلى وَجْهِهِ) أى وجهه يعقوب أو ألقاه يعقوب على وجه نفسه (فَارْتَدَّ) عاد (بَصِيراً) * لما انتعش فيه من القوة (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ) يعنى قوله (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) فالخطاب لمن كان عنده بكنعان* أو قوله (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ) فالخطاب لبنيه وهو الأنسب بقوله (إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) *