(وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣) وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (١٠٤) وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (١٠٥) وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (١٠٧)
____________________________________
المراد إلزام المكذبين والمعنى ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك إذ لا سبيل إلى معرفتك إياه سوى ذلك إذ عدم سماعك ذلك من الغير وعدم مطالعتك للكتب أمر لا يشك فيه المكذبون أيضا ولم تكن بين ظهرانيهم عند وقوع الأمر حتى تعرفه كما هو فتبلغه إليهم وفيه تهكم بالكفار فكأنهم يشكون فى ذلك فيدفع شكهم وفيه أيضا إيذان بأن ما ذكر من النبأ هو الحق المطابق للواقع وما ينقله أهل الكتاب ليس على ما هو عليه يعنى أن مثل هذا التحقيق بلا وحى لا يتصور إلا بالحضور والمشاهدة وإذ ليس ذلك بالحضور فهو بالوحى ومثله قوله تعالى (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) وقوله (وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما أَكْثَرُ النَّاسِ) يريد به العموم أو أهل مكة (وَلَوْ حَرَصْتَ) أى على إيمانهم وبالغت فى إظهار الآيات القاطعة الدالة على صدقك (بِمُؤْمِنِينَ) لتصميمهم على الكفر* وإصرارهم على العناد روى أن اليهود وقريشا لما سألوا عن قصة يوسف وعدوا أن يسلموا فلما أخبرهم بها على موافقة التوراة فلم يسلموا حزن النبى صلىاللهعليهوسلم فقيل له ذلك (وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ) أى على الأنباء أو القرآن (مِنْ أَجْرٍ) من جعل كما يفعله حملة الأخبار (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ) عظة من الله تعالى (لِلْعالَمِينَ) كافة لا أن ذلك* مختص بهم (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ) أى كأى عدد شئت من الآيات والعلامات الدالة على وجود الصانع ووحدته وكمال علمه وقدرته وحكمته غير هذه الآية التى جئت بها (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أى كائنة فيهما من* الأجرام الفلكية وما فيها من النجوم وتغير أحوالها ومن الجبال والبحار وسائر ما فى الأرض من العجائب الفائتة للحصر (يَمُرُّونَ عَلَيْها) أى يشاهدونها ولا يعبئون بها وقرىء برفع الأرض على الابتداء* ويمرون خبره وقرىء بنصبها على معنى ويطئون الأرض يمرون عليها وفى مصحف عبد الله والأرض يمشون عليها والمراد ما يرون فيها من آثار الأمم الهالكة وغير ذلك من الآيات والعبر (وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) غير* ناظرين إليها ولا متفكرين فيها (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ) فى إقرارهم بوجوده وخالقيته (إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) بعبادتهم لغيره أو باتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا أو بقولهم باتخاذه تعالى ولدا سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا أو بالنور والظلمة وهى جملة حالية أى لا يؤمن أكثرهم إلا فى حال شركهم قيل نزلت الآية فى أهل مكة وقيل فى المنافقين وقيل فى أهل الكتاب (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ) أى عقوبة