(قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠٩) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) (١١٠)
____________________________________
تغشاهم وتشملهم (أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً) فجأة من غير سابقة علامة (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) بإتيانها غير مستعدين لها (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي) وهى الدعوة إلى التوحيد والإيمان والإخلاص وفسرها بقوله (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ) بيان وحجة واضحة غير عمياء أو حال من الضمير فى سبيلى والعامل فيها معنى الإشارة* (أَنَا) تأكيد للمستكن فى أدعو أو على بصيرة لأنه حال منه أو مبتدأ خبره (عَلى بَصِيرَةٍ (وَمَنِ اتَّبَعَنِي) عطف عليه (وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) مؤكد لما سبق من الدعوة إلى الله (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً) رد لقولهم لو شاء الله لأنزل ملائكة (نُوحِي إِلَيْهِمْ) كما أوحينا إليك وقرىء بالياء (مِنْ أَهْلِ الْقُرى) لأنهم أعلم وأحلم وأهل البوادى فيهم الجهل والجفاء والقسوة (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من المكذبين بالرسل والآيات فيحذروا تكذيبك (وَلَدارُ الْآخِرَةِ) أى* الساعة أو الحياة الآخرة (خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) الشرك والمعاصى (أَفَلا تَعْقِلُونَ) فتستعملوا عقولكم لتعرفوا خيرية دار الآخرة وقرىء بالياء على أنه غير داخل تحت قل (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) غاية لمحذوف دل عليه السياق أى لا يغرنهم تماديهم فيما هم فيه من الدعة والرخاء فإن من قبلهم قد أمهلوا حتى أيس الرسل عن النصر عليهم فى الدنيا أو عن إيمانهم لانهما كهم فى الكفر وتماديهم فى الطغيان من غير وازع* (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم بأنهم ينصرون عليهم أو كذبهم رجاؤهم فإنه يوصف بالصدق والكذب والمعنى إن مدة التكذيب والعداوة من الكفار وانتظار النصر من الله تعالى قد تطاولت* وتمادت حتى استشعروا القنوط وتوهموا أن لا نصر لهم فى الدنيا (جاءَهُمْ نَصْرُنا) فجأة وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما وظنوا أنهم قد أخلفوا ما وعدهم الله من النصر فإن صح ذلك عنه فلعله أراد بالظن ما يخطر بالبال من شبه الوسوسة وحديث النفس وإنما عبر عنه بالظن تهويلا للخطب وأما الظن الذى هو ترجح أحدا الجانبين على الآخر فلا يتصور ذلك من آحاد الأمة فما ظنك بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهم هم ومنزلتهم فى معرفة شئون الله سبحانه منزلتهم وقيل الضميران للمرسل إليهم وقيل الأول لهم والثانى للرسل وقرىء بالتشديد أى ظن الرسل أن القوم كذبوهم فيما أوعدوهم وقرىء بالتخفيف على بناء الفاعل على أن الضميرين للرسل أى ظنوا أنهم كذبوا عند قومهم فيما حدثوا به لما تراخى عنهم ولم يروا له أثرا