(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٦٠) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٦١)
____________________________________
حذف لام التعليل وقيل الفعل واقع عليه ولا زائدة وسبقوا حال بمعنى سابقين أى مفلتين هاربين وهذا على قراءة الخطاب لإزاحة ما عسى يحذر من عاقبة النبذ لما أنه إيقاظ للعدو وتمكين لهم من الهرب والخلاص من أيدى المؤمنين وفيه نفى لقدرتهم على المقاومة والمقابلة على أبلغ وجه وآكده كما أشير إليه وقيل نزلت فيمن أفلت من فل المشركين وقرىء لا يعجزون بكسر النون ولا يعجزون بالتشديد (وَأَعِدُّوا لَهُمْ) توجيه الخطاب إلى كافة المؤمنين لما أن المأمور به من وظائف الكل كما أن توجيهه فيما سبق وما لحق إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لكون ما فى حيزه من وظائفه صلىاللهعليهوسلم أى أعدوا لقتال الذين نبذ إليهم العهد وهيئوا لحرابهم أو لقتال* الكفار على الإطلاق وهو الأنسب بسياق النظم الكريم (مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) من كل ما يتقوى به فى الحرب كائنا ما كان وعن عقبة بن عامر رضى الله عنه سمعته صلىاللهعليهوسلم يقول على المنير ألا إن القوة الرمى قالها ثلاثا* ولعل تخصيصه صلىاللهعليهوسلم إياه بالذكر لإنافته على نظائره من القوى (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ) الرباط اسم للخيل التى تربط فى سبيل الله تعالى فعال بمعنى مفعول أو مصدر سميت هى به يقال ربط ربطا ورباطا ورابط مرابطة ورباطا أو جمع ربيط كفصيل وفصال أو جمع ربط ككعب وكعاب وكلب وكلاب وقرىء ربط الخيل بضم الباء وسكونها جمع رباط وعطفها على القوة مع كونها من جملتها للإيذان بفضلها على بقية* أفرادها كعطف جبريل وميكائيل على الملائكة (تُرْهِبُونَ بِهِ) أى تخوفون وقرىء ترهبون بالتشديد وقرىء تخزون به والضمير لما استطعتم أو للإعداد وهو الأنسب ومحل الجملة النصب على الحالية من فاعل أعدوا أى أعدوا مرهبين به أو من الموصول أو من عائده المحذوف أى أعدوا ما استطعتموه مرهبا به* (عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) وهم كفار مكة خصوا بذلك من بين الكفار مع كون الكل كذلك لغاية عتوهم ومجاوزتهم* الحد فى العداوة (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ) من غيرهم من الكفرة وقيل هم اليهود وقيل المنافقون وقيل الفرس* (لا تَعْلَمُونَهُمُ) أى لا تعرفونهم بأعيانهم أو لا تعلمونهم كما هم عليه من العداوة وهو الأنسب بقوله تعالى* (اللهُ يَعْلَمُهُمْ) أى لا غيره فإن أعيانهم معلومة لغيره تعالى أيضا (وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ) لإعداد العتاد قل* أوجل (فِي سَبِيلِ اللهِ) الذى أوضحه الجهاد (يُوَفَّ إِلَيْكُمْ) أى جزاؤء كاملا (وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) بترك الإثابة أو بنقض الثواب والتعبير عن تركها بالظلم مع أن الأعمال غير موجبة للثواب حتى يكون ترك ترتيبه عليها ظلما لبيان كمال نزاهته سبحانه عن ذلك بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه تعالى من القبائح وإبراز الإثابة فى معرض الأمور الواجبة عليه تعالى كما مر فى تفسير قوله تعالى (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ) (وَإِنْ جَنَحُوا) الجنوح الميل ومنه الجناح ويعدى باللام وبإلى أى إن مالوا* (لِلسَّلْمِ) أى للصلح بوقوع الرهبة فى قلوبهم بمشاهدة ما بكم من الاستعداد وإعتاد العتاد (فَاجْنَحْ لَها)