(وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٣) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٦٤)
____________________________________
أى للسلم والتأنيث لحمله على نقيضه قال[السلم تأخذ منها ما رضيت به * والحرب يكفيك من أنفاسها جرع] وقرىء فاجنح بضم النون (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) ولا تخف أن يظهروا لك السلم وجوانحهم مطوية على المكر* والكيد (إِنَّهُ) تعالى (هُوَ السَّمِيعُ) فيسمع ما يقولون فى خلواتهم من مقالات الخداع (الْعَلِيمُ) فيعلم نياتهم* فيؤاخذهم بما يستحقونه ويرد كيدهم فى نحرهم والآية خاصة باليهود وقيل عامة نسختها آية السيف (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ) بإظهار السلم وإبطال الحراب (فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ) أى فاعلم بأن محسبك الله من* شرورهم وناصرك عليهم (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ) تعليل لكفايته تعالى إياه صلىاللهعليهوسلم بطريق الاستئناف فإن* تأييده تعالى إياه صلىاللهعليهوسلم فيما سلف على ما ذكر من الوجه البعيد من الوقوع من دلائل تأييده تعالى فيما سيأتى أى هو الذى أيدك بإمداد من عنده بلا واسطة كقوله تعالى (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) أو بالملائكة مع خرقه للعادات (وَبِالْمُؤْمِنِينَ) من المهاجرين والأنصار (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) مع ما كان بينهم قبل ذلك من العصبية والضغينة والتهالك على الانتقام بحيث لا يكاد يأتلف فيهم قلبان حتى صاروا بتوفيقه تعالى كنفس واحدة وهذا من أبهر معجزاته صلىاللهعليهوسلم (لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) أى لتأليف ما بينهم (ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ) * استئناف مقرر لما قبله ومبين لعزة المطلب وصعوبة المأخذ أى تناهى التعادى فيما بينهم إلى حد لو أنفق منفق فى إصلاح ذات البين جميع ما فى الأرض من الأموال والذخائر لم يقدر على التأليف والإصلاح وذكر القلوب للإشعار بأن التأليف بينها لا يتسنى وإن أمكن التأليف ظاهرا (وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ) قلبا وقالبا* بقدرته الباهرة (إِنَّهُ عَزِيزٌ) كامل القدرة والغلبة لا يستعصى عليه شىء مما يريده (حَكِيمٌ) يعلم كيفية تسخير* ما يريده وقيل الآية فى الأوس والخزرج كان بينهم إحن لا أمدلها ووقائع أفنت ساداتهم وأعاظمهم ودقت أعناقهم وجماجمهم فأنسى الله عزوجل جميع ذلك وألف بينهم بالإسلام حتى تصافوا وأصبحوا يرمون عن قوس واحدة وصاروا أنصارا (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ) شروع فى بيان كفايته تعالى إياه صلىاللهعليهوسلم فى جميع أموره وأمور المؤمنين أو فى الأمور الواقعة بينهم وبين الكفرة كافة إثر بيان كفايته تعالى إياه صلىاللهعليهوسلم فى مادة خاصة وتصدير الجملة بحرفى النداء والتنبيه للتنبيه على مزيد الاعتناء بمضمونها وإيراده صلىاللهعليهوسلم بعنوان النبوة للإشعار بعليتها للحكم (حَسْبُكَ اللهُ) أى كافيك فى جميع أمورك أو فيما بينك وبين الكفرة من الحراب* (وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) فى محل النصب على أنه مفعول معه أى كفاك وكفى أتباعك الله ناصرا كما فى*