(الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٦٦) ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٦٧)
____________________________________
(الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً) لما كان الوعد السابق متضمنا لإيجاب مقاومة الواحد للعشرة وثباته لهم كما نقل عن ابن جريج أنه كان عليهم أن لا يفروا ويثبت الواحد للعشرة وقد بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم حمزة فى ثلاثين راكبا فلقى أبا جهل فى ثلثمائة راكب فهزمهم ثقل عليهم ذلك وضجوا منه بعد مدة فنسخ وخفف عنهم بمقاومة الواحد للاثنين وقيل كان فيهم قلة فى الابتداء ثم لما كثروا نزل التخفيف والمراد بالضعف ضعف البدن وقيل ضعف البصيرة وكانوا متفاوتين فى الاهتداء إلى القتال لا الضعف فى الدين كما قيل وقرىء ضعفا بضم الضاد وهى لغة فيه كالفقر والفقر والمكث والمكث وقيل الضعف بالفتح ما فى الرأى والعقل وبالضم ما فى البدن وقرىء ضعفاء جمع ضعيف والمراد بعلمه تعالى بضعفهم علمه تعالى به من حيث هو متحقق بالفعل لا علمه تعالى به مطلقا كيف لا وهو ثابت فى الأزل وقوله تعالى (فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) تفسير للتخفيف وبيان لكيفيته وقرىء تكن ههنا وفيما* سبق بالتاء الفوقانية (وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ) أى بتيسيره وتسهيله وهذا القيد معتبر* فيما سبق من غلبة المائة المائتين والألف وغلبة العشرين المائتين كما أن قيد الصبر معتبر ههنا وإنما ترك ذكره ثقة بما مر وبقوله تعالى (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) فإنه اعتراض تذييلى مقرر لمضمون ما قبله والمراد* بالمعية معية نصره وتأييده ولم يتعرض ههنا لحال الكفرة من الخذلان كما لم يتعرض هناك لحال المؤمنين مع أن مدار الغلبة فى الصورتين مجموع الأمرين أعنى نصر المؤمنين وخذلان الكفرة اكتفاء بما ذكر فى كل مقام عما ترك فى المقام الآخر وما تشعر به كلمة مع من متبوعية مدخولها لأصالتهم من حيث إنهم المباشرون للصبر كما مر مرارا (ما كانَ لِنَبِيٍّ) وقرىء للنبى على العهد والأول أبلغ لما فيه من بيان أن ما يذكر سنة مطردة فيما بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أى ما صح وما استقام لنبى من الأنبياء عليهمالسلام (أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى) وقرىء بتأنيث الفعل وأسارى أيضا (حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) أى يكثر* القتل ويبالغ فيه حتى يذل الكفر ويقل حزبه ويعز الإسلام ويستولى أهله من أثخنه المرض والجرح إذا أثقله وجعله بحيث لا حراك به ولا براح وأصله الثخانة التى هى الغلظ والكثافة وقرىء بالتشديد للمبالغة (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا) استئناف مسوق للعتاب أى تريدون حطامها بأخذكم الفداء* وقرىء يريدون بالياء (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) أى يريد لكم ثواب الآخرة الذى لا مقدار عنده للدنيا وما* فيها أو يريد سبب نيل الآخرة من إعزاز دينه وقمع أعدائه وقرىء بجر الآخرة على إضمار المضاف كما فى