(لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨) إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) (٩)
____________________________________
الماضية لاستحضار صورتها وقوله تعالى (أَنَّها لَكُمْ) بدل اشتمال من إحدى الطائفتين مبين لكيفية الوعد* أى يعدكم أن إحدى الطائفتين كائنة لكم مختصة بكم مسخرة لكم تتسلطون عليها تسلط الملاك وتتصرفون فيهم كيف شئتم (وَتَوَدُّونَ) عطف على (يَعِدُكُمُ) داخل تحت الأمر بالذكر أى تحبون (أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ) من الطائفتين لا ذات الشوكة وهى النفير ورئيسهم أبو جهل وهم ألف مقاتل وغير ذات الشوكة هى العير إذ لم يكن فيها إلا أربعون فارسا ورأسهم أبو سفيان والتعبير عنهم بهذا العنوان للتنبيه على سبب ودادتهم لملاقاتهم وموجب كراهتهم ونفرتهم عن موافاة النفير والشوكة الحدة مستعارة من واحدة الشوك وشوك القنا شباها (وَيُرِيدُ اللهُ) عطف على (تَوَدُّونَ) منتظم معه فى سلك التذكير ليظهر* لهم عظيم لطف الله بهم مع دناءة هممهم وقصور آرائهم أى اذكروا وقت وعده تعالى إياكم إحدى الطائفتين وودادتكم لأدناهما وإرادته تعالى لأعلاهما وذلك قوله تعالى (أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ) أى يثبته ويعليه* (بِكَلِماتِهِ) أى بآياته المنزلة فى هذا الشأن أو بأوامره للملائكة بالإمداد وبما قضى من أسرهم وقتلهم وطرحهم* فى قليب بدر وقرىء بكلمته (وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ) أى آخرهم ويستأصلهم بالمرة والمعنى أنتم تريدون* سفساف الأمور والله عز وعلا يريد معاليها وما يرجع إلى علو كلمة الحق وسمو رتبة الدين وشتان بين المرادين وقوله تعالى (لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ) جملة مستأنفة سيقت لبيان الحكمة الداعية إلى اختيار ذات الشوكة ونصرهم عليها مع إرادتهم لغيرها واللام متعلقة بفعل مقدر مؤخر عنها أى لهذه الغاية الجليلة فعل ما فعل لا لشىء آخر وليس فيه تكرار إذ الأول لبيان تفاوت ما بين الإرادتين وهذا لبيان الحكمة الداعية إلى ما ذكر ومعنى إحقاق الحق إظهار حقيته لا جعله حقا بعد أن لم يكن كذلك وكذا حال إبطال الباطل (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) أى المشركون ذلك أى إحقاق الحق وإبطال الباطل (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) بدل من (إِذْ يَعِدُكُمُ) معمول لعامله فالمراد تذكير استمدادهم منه سبحانه والتجائهم إليه تعالى حين ضاقت عليهم الحيل وعيت بهم العلل وإمداده تعالى حينئذ وقيل متعلق بقوله تعالى (لِيُحِقَّ الْحَقَ) على الظرفية وما قيل من أن قوله تعالى (لِيُحِقَ) مستقبل لأنه منصوب بأن فلا يمكن عمله فى إذ لأنه ظرف لما مضى ليس بشىء لأن كونه مستقبلا إنما هو بالنسبة إلى زمان ما هو غاية له من الفعل المقدر لا بالنسبة إلى زمان الاستغاثة حتى لا يعمل فيه بل هما فى وقت واحد وإنما عبر عن زمانها بإذ نظرا إلى زمان النزول وصيغة الاستقبال فى تستغيثون لحكاية الحال الماضية لاستحضار صورتها العجيبة وقيل متعلق بمضمر مستأنف أى اذكروا وقت استغاثتكم وذلك أنهم لما علموا أنه لا بد من القتال جعلوا يدعون الله تعالى قائلين أى رب انصرنا على عدوك يا غياث المستغيثين أغثنا وعن عمر رضى الله عنه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نظر إلى المشركين وهم ألف وإلى أصحابه وهم ثلثمائة وبضعة عشر فاستقبل القبلة ومد يديه يدعو