(وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلاَّ بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١٠)
____________________________________
اللهم أنجز لى ما وعدتنى اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد فى الأرض فما زال كذلك حتى سقط رداؤه فأخذه أبو بكر رضى الله عنه فألقاه على منكبه والتزمه من ورائه وقال يا نبى الله كفاك مناشدتك ربك* فإنه سينجز لك ما وعدك (فَاسْتَجابَ لَكُمْ) عطف على تستغيثون داخل معه فى حكم التذكير لما عرفت* أنه ماض وصيغة الاستقبال لاستحضار الصورة (أَنِّي مُمِدُّكُمْ) أى بأنى فحذف الجار وسلط عليه الفعل فنصب محله وقرىء بكسر الهمزة على إرادة القول أو على إجراء استجاب مجرى قال لأن الاستجابة من* مقولة القول (بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) أى جاعلين غيرهم من الملائكة رديفا لأنفسهم فالمراد بهم رؤساؤهم المستتبعون لغيرهم وقد اكتفى ههنا بهذا البيان الإجمالى وبين فى سورة آل عمران مقدار عددهم وقيل معناه متبعين أنفسهم ملائكة آخرين أو متبعين المؤمنين أو بعضهم بعضا من أردفته إذا جئت بعده أو متبعين بعضهم بعض المؤمنين أو أنفسهم المؤمنين من أردفته إياه فردفه وقرىء مردفين بفتح الدال أى متبعين أو متبعين بمعنى أنهم كانوا مقدمة الجيش أو ساقتهم وقرىء مردفين بكسر الراء وضمها وتشديد الدال وأصلهما مرتدفين بمعنى مترادفين فأدغمت التاء فى الدال فالتقى الساكنان فحركت الراء بالكسر على الأصل أو بالضم على الاتباع وقرىء بآلاف ليوافق ما فى سورة آل عمران ووجه التوفيق بينه وبين المشهور أن المراد بالألف الذين كانوا على المقدمة أو الساقة أو وجوههم وأعيانهم أو من قاتل منهم واختلف فى مقاتلتهم وقد روى أخبار تدل على وقوعها (وَما جَعَلَهُ اللهُ) كلام مستأنف سيق لبيان أن الأسباب الظاهرة بمعزل من التأثير وإنما التأثير مختص به عزوجل ليثق به المؤمنون ولا يقنطوا من النصر عند فقدان أسبابه والجعل متعد إلى مفعول واحد هو الضمير العائد إلى مصدر فعل مقدر يقتضيه* المقام اقتضاء ظاهرا مغنيا عن التصريح به كأنه قيل فأمدكم بهم وما جعل إمدادكم بهم (إِلَّا بُشْرى) وهو استثناء مفرغ من أعم العلل أى وما جعل إمدادكم بإنزال الملائكة عيانا لشىء من الأشياء إلا للبشرى* لكم بأنكم تنصرون (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ) أى بالإمداد (قُلُوبُكُمْ) وتسكن إليه نفوسكم كما كانت السكينة لبنى إسرائيل كذلك فكلاهما مفعول له للجعل وقد نصب الأول لاجتماع شرائطه وبقى الثانى على حاله لفقدانها وقيل للإشارة إلى أصالته فى العلية وأهميته فى نفسه كما قيل فى قوله تعالى (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) وفى قصر الإمداد عليهما إشعار بعدم مباشرة الملائكة للقتال وإنما كان إمدادهم بتقوية قلوب المباشرين وتكثير سوادهم ونحوه كما هو رأى بعض السلف وقيل الجعل متعد إلى اثنين ثانيهما إلا بشرى على أنه استثناء من أعم المفاعيل أى وما جعله الله شيئا من الأشياء إلا بشارة لكم فاللام فى* ولتطمئن متعلقة بمحذوف مؤخر تقديره ولتطمئن به قلوبكم فعل ذلك لا لشىء آخر (وَمَا النَّصْرُ) أى* حقيقة النصر على الإطلاق (إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ) أى إلا كائن من عنده عزوجل من غير أن يكون فيه شركة