(فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ (٨٣) وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) (٨٤)
____________________________________
أو الظرفية أى ضحكا قليلا وبكاء كثيرا أو زمانا قليلا وزمانا كثيرا وإخراجه فى صورة الأمر للدلالة على تحتم وقوع المخبر به فإن أمر الآمر المطاع مما لا يكاد يتخلف عنه المأمور به خلا أن المقصود إفادته فى الأول هو وصف القلة فقط وفى الثانى وصف الكثرة مع الموصوف. يروى أن أهل النفاق يبكون فى النار عمر الدنيا لا يرقأ لهم دمع ولا يكتحلون بنوم ويجوز أن يكون الضحك كناية عن الفرح والبكاء عن الغم وأن تكون القلة عبارة عن العدم والكثرة عن الدوام (جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) من فنون* المعاصى والجمع بين صيغتى الماضى والمستقبل للدلالة على الاستمرار التجددى ما داموا فى الدنيا وجزاء مفعول له للفعل الثانى أى ليبكوا جزاء أو مصدر حذف ناصبه أى يجزون بما ذكر من البكاء الكثير جزاء بما كسبوا من المعاصى المذكورة (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ) الفاء لتفريع الأمر الآتى على ما بين من أمرهم والفعل من الرجع المتعدى دون الرجوع اللازم أى فإن ردك الله تعالى (إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ) أى إلى المنافقين* من المتخلفين فى المدينة فإن تخلف بعضهم إنما كان لعذر عائق مع الإسلام أو إلى من بقى من المنافقين المتخلفين بأن ذهب بعضهم بالموت أو بالغيبة عن البلد أو بأن لم يستأذن البعض. عن قتادة أنهم كانوا اثنى عشر رجلا قيل فيهم ما قيل (فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ) معك إلى غزوة أخرى بعد غزوتك هذه (فَقُلْ) * إخراجا لهم عن ديوان الغزاة وإبعاد المحلهم عن محفل صحبتك (لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا) من الأعداء وهو إخبار فى معنى النهى للمبالغة وقد وقع كذلك (إِنَّكُمْ) تعليل لما سلف أى لأنكم* (رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ) أى عن الغزو وفرحتم بذلك (أَوَّلَ مَرَّةٍ) هى غزوة تبوك (فَاقْعُدُوا) الفاء لتفريع* الأمر بالقعود بطريق العقوبة على ما صدر عنهم من الرضا بالقعود أى إذ رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا من بعد (مَعَ الْخالِفِينَ) أى المتخلفين الذين ديدنهم القعود والتخلف دائما وقرىء الخلفين على القصر* فكان محو أساميهم من دفتر المجاهدين ولزهم فى قرن الخالفين عقوبة لهم أى عقوبة وتذكير اسم التفضيل المضاف إلى المؤنث هو الأكثر الدائر على الألسنة فإنك لا تكاد تسمع قائلا يقول هى كبرى امرأة أو أولى مرة (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ) صفة لأحد وإنما جىء بصيغة الماضى تنبيها على تحقق الوقوع لا محالة (أَبَداً) متعلق بالنهى أى لا تدع ولا تستغفر لهم أبدا (وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) أى لا تقف عليه المدفن* أو للزيارة والدعاء. روى أنه صلىاللهعليهوسلم كان يقوم على قبور المنافقين ويدعو لهم فلما مرض رأس النفاق عبد الله بن أبى بن سلول بعث إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليأتيه فلما دخل عليه فقال صلىاللهعليهوسلم أهلكك حب اليهود فقال