(وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ (٨٥) وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ) (٨٦)
____________________________________
يا رسول الله بعثت إليك لتستغفر لى لا لتؤنبنى وسأله أن يكفنه فى شعاره الذى بلى جلده ويصلى عليه فلما مات دعاه ابنه وكان مؤمنا صالحا فأجابه صلىاللهعليهوسلم تسلية له ومراعاة لجانبه وأرسل إليه قميصه فكفن فيه فلما هم بالصلاة أو صلى نزلت. وعن عمر رضى الله عنه أنه قال لما هلك عبد الله بن أبى ووضعناه ليصلى عليه قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقلت أتصلى على عدو الله القائل يوم كذا كذا وكذا والقائل يوم كذا كذا وكذا وعددت أيامه الخبيثة فتبسم صلىاللهعليهوسلم وصلى عليه ثم مشى معه وقام على حفرته حتى دفن فو الله ما لبث إلا يسيرا حتى نزل ولا تصل الخ فما صلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد ذلك على منافق ولا قام على قبره وإنما لم ينه عن التكفين بقميصه صلىاللهعليهوسلم لأن الضنة بالقميص كانت مظنة الإخلال بالكرم على أنه كان مكافأة لقميصه* الذى كان ألبسه العباس رضى الله تعالى عنه حين أسر ببدر والخبر مشهور (إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) تعليل للنهى على معنى أن الاستغفار للميت والوقوف على قبره إنما يكون لاستصلاحه وذلك مستحيل فى* حقهم لأنهم استمروا على الكفر بالله ورسوله مدة حياتهم (وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) أى متمردون فى الكفر خارجون عن حدوده كما بين من معنى الفسق (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ) تكرير لما سبق وتقرير لمضمونه بالإخبار بوقوعه ويجوز أن يكون هذا فى حق فريق غير الفريق الأول وتقديم الأموال فى أمثال هذه المواقع على الأولاد مع كونهم أعز منها إما لعموم مساس الحاجة إليها بحسب الذات وبحسب الأفراد والأوقات فإنها مما لا بد منه لكل أحد من الآباء والأمهات والأولاد فى كل وقت وحين حتى أن من له أولاد ولا مال له فهو وأولاده فى ضيق ونكال وأما الأولاد فإنما يرغب فيهم من بلغ مبلغ الأبوة وإما لأن المال مناط لبقاء النفس والأولاد لبقاء النوع وإما لأنها أقدم فى الوجود من الأولاد* لأن الأجزاء المنوية إنما تحصل من الأغذية كما سيأتى فى سورة الكهف (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ) بما متعهم به من* الأموال والأولاد (أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا) بسبب معاناتهم المشاق ومكابدتهم الشدائد فى شأنها* (وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ) أى فيموتوا كافرين باشتغالهم بالتمتع بها والالتهاء عن النظر والتدبر فى العواقب (وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) من القرآن ويجوز أن يراد بها بعضها (أَنْ آمِنُوا بِاللهِ) أن مفسرة لما فى الإنزال* من معنى القول والوحى أو مصدرية حذف عنها الجار أى بأن آمنوا (وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ) لإعزاز دينه* وإعلاء كلمته (اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ) أى ذو والفضل والسعة والقدرة على الجهاد بدنا ومالا* (وَقالُوا) عطف تفسيرى لاستأذنك مغن عن ذكر ما استأذنوا فيه يعنى القعود (ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ)