تتوجه إلى الناس في زمن الدعوة ، بل هي موجّهة للإنسان كله ، الأمر الذي يوحي أن هذا الإنسان الذي يعيش في هذه الأرض هو ابن آدم ، وليس ابن نفس أخرى.
ولا ينافي ذلك ورود بعض الروايات (١) الدالة على وجود مخلوقات مشابهة لهذا الإنسان قبل وجود آدم ، لأن الظاهر ـ على تقدير صحة الرواية ـ أنّ هذا النوع انقرض ولم يعد له دور في الأرض ، ولذلك جعل الله الإنسان الجديد الذي بدأه بآدم خليفة له في الأرض.
وقد تحدثنا في تفسير سورة البقرة أن حديث الملائكة عن مخلوق أرضي يفسد في الأرض ويسفك الدماء لا يدل على وجود تجربة إنسانية سابقة ، فهناك احتمال آخر في التفسير.
* * *
كيف بدأ التكاثر الإنساني؟
(وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً) ربما يستظهر من هذه الآية الفكرة التي تقول : إن مصدر التوالد في النوع الإنساني هما آدم وحوّاء ، وليس هناك أي عنصر آخر غير إنساني ، كما تحاول بعض الروايات الإيحاء به ، من أن بداية التناسل في الطبقة الثانية كانت من حورية أو جنية تزوج إحداهما بعض أولاد آدم ، وتزوّج الأخرى بعض آخر. فقد يستفاد من الآية أنه لو كان هذا صحيحا ، لقال : وبث منهما ومن غيرهما. ولكن هذا الاستظهار غير دقيق ،
__________________
(١) جاء في كتاب التوحيد للصدوق نقلا عن تفسير الميزان عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام في حديث قال : لعلك ترى أن الله لم يخلق بشرا غيركم ، بلى والله ، لقد خلق ألف ألف آدم ، أنتم في آخر أولئك الآدميين. تفسير الميزان ، ج : ٤ : ص : ١٥٠ ـ ١٥١.