فباتت المرأة غريبة عن نفسها ، وبات الرجل غريبا عن نفسه أيضا.
وقد لا يستطيع الإنسان الإنكار أن هناك عبقريات نسائيّة استطاعت فرض نفسها في كثير من مجالات المعرفة والتحرك ، وأن للمرأة طاقات يمكن أن تبدع فيها في أكثر من موقع ؛ ولكن ذلك لا يمنع من بقاء حالة فراغ في داخل المرأة وفي داخل الرجل ، أبقت المشكلة قائمة في مجال الحرية والمساواة. ولا نزال نسمع الأصوات التي تنطلق بين حين وآخر ، من قبل مجموعات كبيرة من النساء ، في أكثر من بلد ، للعودة إلى الأجواء العائلية المنزلية الحميمة التي فقدتها المرأة بفعل صرعة المساواة ، مما يدل على أن التطور الجديد لم يحل مشكلة للمرأة ، إلا بخلق مشكلة أخرى. أما الإسلام فقد أراد للمرأة أن تكون الإنسان ـ المرأة ، إلا كما أراد للرجل أن يكون الإنسان ـ الرجل ، من خلال النظرة الواقعية التي تجمع بين الخصوصية والشمول.
* * *
كيف نفهم موقف التشريع من شهادة المرأة؟
وقد يثأر في هذا المجال أن الإسلام ينظر إلى المرأة بشيء من المهانة ، مما يوحي ببعض النقص في شخصيتها ، كما يلاحظ ذلك في ما يؤكد التشريع من نقص اتّزان في الفكر ، في مقابل الامتلاء العاطفي ، وذلك في التشريع المتمثّل باعتبار شهادة امرأتين بمنزلة شهادة رجل واحد.
ولكن ذلك ـ في ما نفهمه ـ لا يعني نقصا ذاتيا في المستوى العقلي لها ، بل كل ما يعنيه هو الاحتياط للعدالة ، في ما قد تدفع إليه العاطفة من الانسياق وراء الأوضاع المأساوية والعاطفية ، الأمر الذي يؤدّي إلى الإخلال بتوازن موقفها ممّا من شأنه أن ينعكس سلبا على صدقية شهادتها. وهذا ما