المفهوم الإسلامي عن المرأة في النظرة والتشريع
ومن خلال ذلك كله ، يمكن إبراز المرتكزات والمبادئ الفكرية التي ينهض عليها التشريع الإسلامي الخاص بالإنسان عموما وبالمرأة تحديدا ، فهناك الأحكام العامة المرتكزة على البعد الإنساني في الواحد ، والمندرجة في إطار المسؤولية العامة ، للرجل والمرأة ، كتلك الخاصة بقضايا الكفر والإيمان والأخلاق والمعاملات المالية والعلاقات الحياتية ، وجوانب التربية والسياسة ، وبذلك كانت حركة المسؤولية ممتدّة في شخصية المرأة وحياتها ـ في جانبيها الإيجابي والسلبي ـ كما هي ممتدّة في حياة الرجل في كلا الجانبين ، بحيث لا يلاحظ الإنسان فرقا في طبيعتها ، وإن كان هناك اختلاف في التفاصيل والمفردات. وفي هذا الإطار ، تحدّث القرآن الكريم عن الثواب الذي ينتظر المؤمنين والمؤمنات على حدّ سواء في الآخرة ، وعن العقاب الذي ينتظر الكافرين والكافرات ، والزانين والزانيات ، والسارقين والسارقات ، في الدنيا والآخرة ، من دون تفريق بين الرجل والمرأة في خصوصيات العقاب والثواب ، مما يعني اشتراكهما في المسؤولية العامة المرتكزة على اشتراكهما في النوع الإنساني.
ثم انطلق الإسلام من موقع خصوصية الذكورة والأنوثة ، فجعل الأحكام الخاصة التي تتناول توزيع المسؤوليات في مفردات الحياة ، بحسب الدور الذي أعدّه الله لكل منهما ، سواء في مواقعهما داخل الحياة الزوجية ، أو في مواقع الحياة الأخرى ؛ في إطار الحكم والقضاء والشهادة ، وغير ذلك من الأمور التي سنعرض لها في ما ينتظرنا من حديث التفسير في الآيات الآتية ، فنتعرف ـ من خلال ذلك ـ كيف حدّد الإسلام الدور ، وكيف وزّع المسؤوليات.