وفي هذا الجو ، لا نجد هناك مانعا من أن يكون الله ـ سبحانه ـ قد أحلّ للطبقة الأولى من أولاد آدم أن يتزوجوا من بعضهم البعض ، وذلك من أجل الانطلاق بعملية التناسل في نطاقها الطبيعي ، بعيدا عن أية مفسدة في ذلك ، لأن النظام الأسري الذي يفرض بعض الحواجز النفسية في قضية تزاوج الإخوة والأخوات ، لم يكن قد انطلق بعد في حركة الحياة العامة ، لأن المجتمع الذي يعتبر هذا النظام جزءا من حركته ، لم يكن قد ولد بعد ، ثم جاء التحريم بعد ذلك ، لأن المصلحة الداعية إلى التشريع قد انتهت عند هذا الحدّ ، وأصبحت القضية تتحرك في أجواء المفسدة الملزمة ، التي تفرض التشريع المضادّ للحكم بالحلّيّة ، لذلك يمكن اعتبار النظام الاجتماعي ، الذي ربطه التشريع بنظام الأسرة ، قاعدة للحكم بالتحريم الذي قد يراد منه خلق حاجز نفسيّ يمنع الأخ من الزواج بأخته ، ويخلق حالة شعورية مضادة في ما يتعلق بالعلاقات الجنسية بينهما ، مما يمكنهما من العيش في ظل بيت واحد بشكل طبيعي ، من دون خوف من الحالات السلبية في هذا النطاق. ولم يقتصر الأمر على ذلك ، بل تعدّاه إلى التشريع المتحرك في نظام تحريم الزواج بالمحارم. وإذا كان هذا الفهم هو التفسير الطبيعي للموضوع ، فليست هناك مشكلة نبحث لها عن حل.
وقد أكّد هذا المعنى الحديث الوارد عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، في ما رواه الطباطبائي في كتاب الميزان عن الإمام علي بن الحسين ، زين العابدين عليهالسلام في حديث له مع قرشي ، يصف فيه تزويج هابيل بلوزا أخت قابيل ، وتزويج قابيل بإقليما أخت هابيل. فقال له القرشي : فأولداهما؟ قال : نعم. فقال له القرشي : فهذا فعل المجوس اليوم ، قال : فقال : إن المجوس فعلوا ذلك بعد التحريم من الله. ثم قال له : لا تنكر هذا ، إنما هي شرائع الله جرت ، أليس الله قد خلق زوجة آدم منه ثم أحلّها له؟ فكان ذلك شريعة من