وقرأ عاصم وابن عامر (وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) و (كثيرا) (١) في هذا أشبه كما قال جلّ وعزّ (أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) [البقرة : ١٥٩] وهذا اللعن كثير.
(وَكانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً) خبر كان. ولو قلت : كان عبد الله عندنا جالسا ، كان في نصبه وجهان : يكون خبر كان ويكون على الحال. والوجيه عند العرب العظيم القدر ، الرفيع المنزلة ، ويروى أنه كان إذا سأل الله شيئا أعطاه إياه.
قال الحكم بن أبان عن عكرمة «قولوا قولا سديدا» قال : لا إله إلا الله وما أشبهها من الصدق والصواب. قال أبو جعفر : الاسم من هذا السّداد بفتح السين وقد استدّ فلان ، القياس من فعله سدّ والأصل سدد. فأما السّداد بكسر السين فما غطّي به الشيء ، وهو سداد من عوز.
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها) قد ذكرناه. ومن حسن ما قيل في معناه أنّ معنى عرضنا أظهرنا كما تقول : عرضت الجارية على البيع ، والمعنى: أنّا عرضنا الأمانة وتضييعها على أهل السموات وأهل الأرض من الملائكة والجنّ والإنسان فأبين أن يحملنها أي أن يحملن وزرها ، كما قال جلّ وعزّ (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) [العنكبوت : ١٣] «وحملها الإنسان» قال الحسن يراد به الكافر والمنافق ، قال : (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً) لنفسه (جَهُولاً) بربّه فيكون على هذا الجواب مجازا ، مثل (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) ، وفيه جواب آخر على أن يكون حقيقة أنه عرض على السموات والأرض والجبال الأمانة وتضييعها وهي الثواب والعقاب أي أظهر لهن ذلك فلم يحملن وزرها وأطعن فيما أمرن به وما سخّرن له ، وحملها الإنسان على ما مر من الجواب الذي تقدم.
__________________
(١) انظر تيسير الداني ١٤٥ ، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٥٢٣.