فيه من النحو أنه لم يقل : يسبحن ولا يسبح. ومذهب سيبويه (١) أنه لما خبّر بفعل من يعقل ، وجعلهنّ في الطاعة بمنزلة من يعقل خبّر عنهن بالواو والنون ، وقال الفراء : (٢) لمّا خبّر عنهنّ بأفعال الآدميين قال : يسبحون ، وقال الكسائي يسبحون لأنه رأس آية ، كما قال : (نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) [القمر : ٤٤] ، ولم يقل منتصرون.
(أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) جيء بالفاء التي في فهم عند الفراء (٣) لتدلّ على الشرط لأنه جواب قولهم : ستموت ، ويجوز أن يكون جيء بها لأن التقدير فيها : أفهم الخالدون إن متّ. قال الفراء : ويجوز حذف الفاء واضمارها لأن هم لا يتبيّن فيها الإعراب ، أو لأن المعنى أهم الخالدون إن مت.
(وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) قال الكسائي : والمصدر بلاء.
«متى» عند الكوفيين في موضع نصب وكذا الجواب عندهم في المعرفة إذا قيل :
متى وعدك قيل : يوم الجمعة فإن كان نكرة رفعت فقلت : موعدك يوم قريب ، وكذا ظروف المكان ، وحكى الفراء (٤) : اجتمع الجيشان فالمسلمون جانب والكفار جانب صاحبهم. الثاني منصوب لأنه معرفة والأول مرفوع لأنه نكرة فاعتل في النصب مع المعرفة لأن الخبر مسند إليها لأنها معرفة ، فحسنت الصفة ، وبنوا المسائل على هذا فتقول : عبد الله جانب المسجد ، وزيد جانب منه. وأما البصريون فالرفع عندهم الوجه إذا كان الظرف متمكنا. قال سيبويه (٥) وتقول : موعدك غدوة وبكرة وموعدك بكرا لأن بكرا لا يتمكن. والدليل على صحة قول البصريين قراءة القراء ، إلّا من شذّ منهم قال :
(مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) [طه : ٥٩]. وحكى الفراء (٦) في النكرة : إنما البرد شهران ، وإنما الصيف شهران ، وزيد دون من الرجال ، وهو دونك بالنصب في المعرفة.
(هُمْ) في موضع رفع بالابتداء ولا تعمل إلا في معرفة. (يُنْظَرُونَ) في موضع الخبر.
__________________
(١) انظر الكتاب ٢ / ٤٤.
(٢) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٠١.
(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٠٢.
(٤) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٠٣.
(٥) انظر الكتاب ١ / ٢٧٩.
(٦) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٠٣.