النار ، والخفض على البدل ، والنصب فيه ثلاثة أوجه : يكون بمعنى أعني ، وعلى إضمار فعل مثل الثاني ، ويكون محمولا على المعنى أي أعرّفكم بشرّ من ذلكم النار.
(يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ) أحسن ما قيل فيه أنّ المعنى ضرب لله جلّ وعزّ مما يعبد من دونه مثل.
(وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) قال أبو إسحاق : قيل : إن هذا منسوخ. قال : وكذا (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ) [آل عمران : ١٠٢] قال أبو جعفر : وهذا مما لا يجوز أن يقع فيه نسخ ، لأنه واجب على الإنسان ، كما روى حيوة بن شريح عن أبي هاني الخولاني عن عمرو بن مالك عن فضالة بن عبيد عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «المجاهد من جاهد نفسه لله جلّ وعزّ» (١) ، وكما روى أبو طالب عن أبي أسامة أنّ رجلا سأل النبيّ صلىاللهعليهوسلم أي الجهاد أفضل عند الجمرة الأولى؟ فلم يجبه ثم سأله عند الجمرة الثانية فلم يجبه ، ثم سأله عند جمرة العقبة فقال عليه السلام : أين السائل؟ فقال : أنا ذا فقال صلىاللهعليهوسلم : «كلمة عدل عند سلطان جائر» (٢). (هُوَ اجْتَباكُمْ) فدلّ بهذا على فضل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وعلى الردّ على من يتنقّصهم ؛ لأنه جلّ وعز اختارهم لنصرة نبيّه عليهالسلام. (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) في موضع نصب و (من) زائدة للتوكيد. (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) قال الفراء (٣) : أي كملّة أبيكم ، فإذا ألقيت الكاف نصبت أي وسّع عليكم كملّة أبيكم. قال :
وإن شئت نصبت على الأمر. قال أبو إسحاق : المعنى اتّبعوا ملّة أبيكم. قال : (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) يجوز أن يكون لإبراهيم عليهالسلام أي سماكم المسلمين فيما تقدّم
__________________
(١) أخرجه ابن ماجة في سننه الحديث (٤٠١١) ، وأبو داود في سننه الحديث (٤٣٤٤) ، والترمذي في سننه ٩ / ١٩.
(٢) أخرجه الترمذي في سننه ٩ / ١٩ ، وابن ماجة في سننه حديث (٤٠١١).
(٣) انظر معاني الفراء ٢ / ٢٣١.