فقد ذكر القرآن الكريم انه ١٢٥ (قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ) على فرعون وغيره ممن يبغيكم بالسوء (وَاصْبِرُوا) ولا يستخفكم الهلع أو يهولكم الوعيد أو تحسبوا انكم لا مأوى لكم من الأرض تستريحون به من ذلة العبودية وتأمنون به من سلطان الجور (إِنَّ الْأَرْضَ) كلها (بِاللهِ) وبيده أمرها (يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) وهو قادر على أن يجعل لكم منها ميراثا تتبوءونه بالأمن والعزة ، وان ذلك بلغة الحياة الدنيا ونعيم زائل من ورائه الحساب ويوم الدين (وَالْعاقِبَةُ) المرضية إنما هي (لِلْمُتَّقِينَ) لا لكل من ورث الارض ١٢٦ (قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا) قال موسى ما معناه : لا تيأسوا من رحمة الله وفرجه ونصره (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ) أي كل من ينصب لهم العداوة ويبتغي بهم السوء.
فلم يسمّ القرآن خصوص فرعون وقومه ، بل العموم أنسب بالامتنان وأحسن في البشارة خصوصا إذا كانوا موعودين بالخروج من مصر ، (وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ) بعد معاديكم ، ولم يسمّ القرآن أرض مصر ولا غيرها ، ولكن ينبغي أن يكون مراد موسى غير أرض مصر ، فان ذلك هو المناسب لأمر الله ، وهارون أن يرسل معهما بني اسرائيل ، كما في سورة طه ٤٩.
وأمر موسى لفرعون بذلك كما في سورة الأعراف ١٠٣ ، وقد حقق الله رجاءهم وأنجز وعده وقال جل شأنه ١٣٣ : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ) وهي التي في شرقي الاردن (وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا).
وبما ذكرناه تعرف شطط المتكلف في اعتراضه ، «يه ٢ ج ص ٥٣ س ١١ ـ ١٦».
وقال الله تعالى في ذكر البلايا التي عذب بها المصريين ١٠٠ : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ) ، والمراد به زيادة النيل وطغيانه فوق عادته بحيث أضر بزرعهم وغرسهم ومساكنهم وعمارتهم.
ولم يقل القرآن انه ارسل عليهم مثل طوفان نوح الذي أهلك جميع الناس