العذب نهلا وعلا.
وأما تكرار القرآن لقوله تعالى في سورة الشعراء : (وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) خمس مرات فذلك لأجل انه حكاية لكلام خمسة من الأنبياء في خمسة مواقع وهم نوح ، وهود ، وصالح ، ولوط ، وشعيب حيث احتج كل واحد منهم على قومه بأنه لا يريد في إنذاره لهم إلا النصح والهدى ولا يرجو فيه طمعا ولا يسألهم عليه أجرا.
وأما ما تكرر في مجموع القرآن ، فما عسى ان يكون إذا اقتضاه الحال او لم يتكرر «متى» عن قول المسيح «هناك يكون البكاء وصرير الاسنان» ست مرات مع ان الكلمات المنسوبة فيه الى المسيح لا تقارب واحدة من كبار سور القرآن ، هذا فضلا عن التكرار في كتب العهدين.
وبما ذكرناه تعرف شطط المتعرب «ذ ص ٧٦ و ٧٤» وتحامله بضلاله على القرآن الكريم.
قال الله تعالى في سورة البقرة ١٦٥ (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ ١٦٦ وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ).
والمراد منه ان الذين كفروا تجري ألسنتهم في كفرهم بما لا يعقلون غلطة ولا يتدبرون شططه ، فكأنهم ليس لهم اسماع يسمعون بها ضلال اقوالهم وقبيح فلتاتهم ، فإنها قد بلغت من الغلط والضلال حدا لا ينبغي ان لا يعقله إلا من لم يسمعها.
أفيقول من لم يوقر الغي اذنيه لا اتبع ما أنزل الله بل اتبع ما الفيت عليه آبائي أفلا يسمع ما يقوله من الغلط والضلال فمثل الذين كفروا في ضلال اقوالهم هذه كمثل الأصم الذي ينعق بما لا يسمعه ولا يميز من مداليل كلماته الا الصوت والدعاء والنداء ، فكلامهم الغلط الفاسد إنما هو بالنسبة الى غباوتهم عما فيه كنعيق من لا يسمع.