الى «شنى لوحت» ، كما شوّه صورتها بالتناقض والتقلب والغلط في عدد الملائكة الذين جاءوا الى ابراهيم ، ثم توجّهوا الى سدوم ، وجاءوا الى لوط حيث ذكرت انهم ثلاثة ، ثم قالت : انهم اثنان ثم جعلتهما واحدا «انظر تك ١٨ ـ ١٩ ، ٢٣».
ثم اعلم ان القرآن الكريم بوحيه الالهي الصادق ومعارفه الحقة لينزّه أنبياء الله ورسله الكرام عن السفاهة والهتك لحرمات الله والاستخفاف بأماناته وعهوده والنكول بالغضب والتهور عن وظائف النبوة ، فلا يصح في التعاليم الحقة أن يكون موسى رسول الله وكليمه يفعل مثل ذلك ، أتقول ان موسى رسول الله يعطيه الله لوحي العهد المكتوبين باصبع الله ويأمره بأن يصنع لهما صندوقا مصفحا بالذهب ليضعهما فيه ويضعه في أشرف الأماكن المقدسة وبهذه العناية يكونان كواسطة العقد لنبوة موسى ولواء الديانة لبني اسرائيل وأعز ودائع النبوة وأشد شعائر الله حرمة ، ومع ذلك كله يلقيهما موسى من يده ويكسرهما عند الغضب ، مع انه لا يجدي كسرهما شيئا لا في العقوبة ولا في العتاب ولا في الحث على التوبة إلا العبث والحماقة والاستخفاف بعهد الله وأمره والخيانة لأمانته والهتك لحرمته ، قل إذا فما ذا يتوقّى النبي عند غضبه؟ وأي حرمة لله يحتشم هتكها؟ حاشا لله ورسوله موسى ، الله أعلم حيث يجعل رسالته.
ومن العجب ان المتكلف يستر هذا بذيل أمانته ويعترض على قول القرآن الكريم ان موسى أخذ برأس أخيه يجره ويقول : ان هذا من فعل السفهاء ، وقد بينا لك في الجزء الأول صحيفة ١٢٨ ما يمكن أن يكون وجها له ، ولكنا نقول هاهنا ان وجهه ما هو المعروف من ملاومة الأرحام وتشاكيهم عند النوائب العظيمة ، فيكون جر موسى لرأس أخيه المعاضد له في مهماته ونوائبه من باب الشكاية والتلهف كما يجر رأس نفسه ويضرب وجهه ، وإذا كان هذا من فعل السفهاء فكسر الألواح من فعل من يكون؟.
* * *
وقال الله تعالى في سورة البقرة ٢٤٧ : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قالَ هَلْ