على البسطاء ، ومن لم يطلع على العهدين ويغشهم بأن دعوى الصعود الى السماء دعوى ابتدائية لم يتفق لها حقيقة ، فيتيسر له بزعمه أن يقول لهم : انها خارجة عن حد المعقول ..
«فإن قلت» : لعل المتكلف يدعي انحصار الصعود الى السماء بصعود المسيح ويحتج لدعواه بقول انجيله نقلا عن قول المسيح : ليس أحد صعد الى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الانسان الذي هو في السماء «يو ٣ ، ١٣» ، «قلت» : لا نحتاج الى ان ننبهك على حال الاناجيل ، ونذكرك بما ذكرناه من تناقضها واختلافها ونسبتها الى المسيح ما لا يرضاه له من يحبه ويعتقد بإيمانه وكماله وصلاحه ، على ان هذا بل بعضه يكفي في بطلان هذا التشبث الواهي ، بل نقول ان هذا المنقول كذب على المسيح لأن هذا الكلام يكذبه العهدان ، فانه ان اريد منه الزمان الماضي بالنسبة الى حال التكلم كما يقتضيه لفظ «صعد» فانه يكذبه العهد القديم بما يذكره من صعود ايليا ، وهو كاذب أيضا بنسبة الصعود الى المسيح لأنه حينئذ لم يكن قد صعد الى السماء ، وهو مع كذبه من هاتين الجهتين لا يمس معراج رسول الله بشيء من أوهام النفي ، وإن اريد منه ما يعم الماضي والمستقبل رغما على اللفظ فانه يكذبه أيضا صعود ايليا وكلام بولس في صعوده الى السماء الثالثة ، فانه لو كان هذا الكلام صادقا لما صح لبولس أن يتردد في صعوده بين كونه في الجسد أو خارج الجسد.
وأيضا ما معنى قوله ابن الإنسان الذي هو في السماء ، فهل في السماء إنسان يكون المسيح ابنه.
* * *
وقد اقسم الله جل شأنه في جملة من فواتح السور بأشياء من بدائع صنعه إذ كانت مظاهر قدرته وآثار رحمته ووسائل نعمه ، فاقسم بها تنويها بآثار القدرة في خلقها وتنبيها الى أسرار النعمة فيها وإعلاما بتشرفها بشرف الآثار وجلالة أسرار الآلاء.
فقال جل اسمه مخاطبا لرسوله «ص» : (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ