وشدد أيضا بالتعليم بالخضوع للسلاطين القائمة معللا بأنها من الله ومرتبة منه ، وان من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله لأنه خادم الله للصلاح يلزم أن يخضع له بالضمير ويوفي الجزية لأنه خادم الله ، وان تعطى الجزية لمن له الجزية ، والجباية لمن له الجباية ، والخوف لمن له الخوف يعطى الجميع حقوقهم هذه «رو ١٣ ، ١ ـ ٨».
وهذا التعليم لأهل رومية الذين هم تحت سلطان قيصر ، وان القياصرة في الوقت المجعول له هذا التعليم قد كانوا وثنيين ، وأعداء للملة النصرانية مضطهدين لمن ينتسب للمسيحية ، وكل من يعتبر تلك الحال يعلم ان هذا التعليم قد تعدى الى الافراط الفاسد ، نعم لو كان بغير هذا الاسلوب لأمكن أن يجري على وجه صحيح.
ومضمون نقل الاناجيل عن المسيح هو أن الجزية ليست حقا للقياصرة ولا يجوز اعطائها لهم ، وذلك ان اليهود نصبوا له شبكة في سؤالهم عن اعطاء الجزية لقيصر لعلمهم بأنه لا يجوز ذلك فأرادوا أن يجاهر بذلك فيجعلونه ذنبا عليه عند قيصر والوالي ، فعلم بمكرهم وخبثهم فلجأ الى التقية والحياد عن الجواب بالمنع ولكنه مع ذلك سلك مسلك التعمية والايهام في الجواب فأخذ دينارا فقال : لمن هذه الصورة؟ فقالوا لقيصر فقال اعطوا ما لقيصر وما لله لله «مت ٢٢ ومر ١٢ ولو ٣٠» ، فجمع بين التقية والتخلص من مكرهم وبين عدم المجاهرة بمخالفة حكم الله ، فتلطف وعمى في الجواب ، ولكنه لما أمر بطرس بإعطاء الجزية عنهما بيّن له ان اعطائها لهم لئلا يكدرهم ويحملهم على العثرة به «مت ٣٧ ، ٢٧».
وأين هذا من التعليم المتقدم الذي يجعل الجزية حقا لقيصر ، أفلا ترى محاباة السلطان وخدمة أفكاره لائحة أو ظاهرة على تطرفه ومغالاته ، أم تقول انه تعليم سلطاني؟
وقد حث العهدان على السلام ، ففيهما أحبوا الحق والسلام «ز ك ٨ ، ١٩» ، طوبى لصانعي السلام لأنهم ابناء الله يدعون «مت ٥ ، ٩» وان ملكوت الله بر وسلام «رو ١٤ ، ١٧» وهو من ثمار الروح «غل ٥ ، ٢٢» ومن