عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ٢٤٨ وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً قالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ قالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ).
والمتكلف «يه ٢ ج ص ٢٦» قد اعترض على قوله تعالى من بعد موسى فقال الصواب من بعد القضاة.
قلت : ان القرآن الكريم لم يكن من مقصوده بيان التاريخ السنوي وتشخيص الزمان ، بل ان الذي يدخل في مقصوده هو الظرف الذي بيّنه ، لأن المقصود هو الموعظة والتوبيخ لبني اسرائيل على ملازمتهم في أجيالهم للتلون والتقلب ببيان انهم كانوا مع موسى رسول الله المظفّر المنصور بالمعجزات والسيف ، وقد شاهدوا منه آيات النصر وخرجوا ببركته من الذل الى العزة ، ومن الضعف الى الشوكة ومع ذلك كانوا يتمردون على أوامره وينكصون عن دعوته حتى بدلوا دينه وتقلبوا في طغيانهم فأبدلهم الله بالعز ذلا وبالأمن خوفا ، فجاء هؤلاء وهم أبناء أولئك القوم وعلى وتيرتهم يطلبون ملكا يقاتلون معه في سبيل الله مع ان القول أبناء القوم في التقلب والتمرد ، ولذا حذرهم نبيهم من ان يكونوا كآبائهم إذ كتب عليهم القتال فلم يقاتلوا .. ولكن المتكلف لا يدعه فهمه وسجيته إلا أن يقول :
فقول القرآن ان بني اسرائيل طلبوا من نبيهم بعد موسى ـ أي بعد وفاته ـ هو غلط والصواب انه من بعد صموئيل آخر قضاة بني اسرائيل.
لكي يقال له :
أولا : ان القرآن قال : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى) ولم يقل قالوا من بعد موسى ، فإن أردت أن تتلاعب بالتراكيب حسب فهمك وأغراضك فاقصد بذلك كتابك لتكون كواحد من قومك ، وأما