العظيمة هو أمر عقلي لا يختلف بحسب الأزمان والشرائع ، وفي ذلك اعتراض على التوراة بتسويغها القسم وتغليط لشريعتها في ذلك.
أجل فأين يكون القول المنسوب في هذا الإصحاح للمسيح ، لا تظنوا اني جئت لأنقض الناموس والأنبياء ـ بل لأكمل ـ الى تزول السموات والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس ، فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعى أصغر في ملكوت السموات «مت ٥ ، ١٣ ـ ٢٠».
فإن هذا الكلام يناقض مخالفة التوراة ولو بنحو النسخ فضلا عما يعود عليها بالاعتراض والتغليط لشريعتها ، نعم الذي يناسب هذا الاحتجاج هو قول القائل : لو كان الأول بلا عيب لما طلب موضعا لثان «عب ٨ ، ٧» ولو لا تشويش الكلام المتقدم لأمكن حمله على التعليم بالاجتناب من إكثار القسم حذرا من الوقوع في الحنث الكثير وأن لا يستهان بالحلف بالسماء والارض وأورشليم والرأس الذي هو من عجائب صنع الله ، وذلك لكرامة هذه المذكورات بانتسابها الى الله بالوجوه المذكورة ، فتكون الاستهانة بها جرأة على الله.
فطريق الاحتياط هو اجتناب القسم لئلا يعتاد اللسان على إكثاره فيقع في الحنث كثيرا ، فإن إكثاره هو استسهال أمره من الشرير.
ويؤيد هذا الحمل ما جاء في الرسالة المنسوبة الى يعقوب «٥ ، ١٢» لا تحلفوا بالسماء ولا بالأرض ولا بقسم آخر ، بل لتكن نعمكم نعم ، ولاكم لا لئلا تقعوا في دينونة أي لئلا توقعكم كثرة الحلف في دينونة الحنث وعقابه.
وقال الله جل شأنه في سورة البقرة ٢٢٤ : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا) ، وفي سورة القلم ١٠ (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ).
«تنبيه» : لا يوجد في التوراة ما ذكر في متى من قوله قيل : للقدماء لا تحنث بل أوف للرب أقسامك ، بل الموجود فيها من هذا النحو ما ذكرناه عن