أو دعواك الأولى أنّه لا يجوز فى حكمته أن يكون فى العالم إمام ومأموم وعالم ومتعلم (١)؟ فاختر أيّهما شئت! فإن اخترت هذه الدعوى بطلت دعواك وانكسرت عليك (٢) ، وأنت نقضت على نفسك. وان اخترت الأخرى ، وأجزت فى حكمة الحكيم أن يختصّك بهذه الفضيلة دون غيرك ، وأن يحوج النّاس إليك وإلى التّعلم (٣) منك ، فلم أنكرت أن يختار عزوجل رسلا ويختصّهم بالنّبوّة ويجعلهم أئمّة للنّاس ، ويحوج النّاس إليهم وإلى التعلّم منهم ، ليكونوا ساسة (٤) للنّاس فى أولاهم وقادة لهم فى أمر دينهم ؛ كما تراه أنّه قد فعله؟ ولم جاز أن يفيض عليك نعمته ، فيجعلك إماما للنّاس وأنت لا تقدر على سياسة رجلين ، ولم يجز أن يفيضها (٥) على أنبيائه الذين اصطفاهم وجعلهم أئمّة للنّاس ، حتّى ساسوا العالم بأبنية (٦) شرائعهم وأحكامهم؟!!
فهذا ما جرى فى هذه المسألة ، وإن كان الكلام يزيد وينقص والألفاظ تختلف ؛ كان (٧) جملته (٨) ومعانيه ما قد ذكرته. وقد كان ادّعى فى غير هذا المجلس ما احتججت به ، أنه أدرك من العلوم ما لم يدركه من تقدّمه من الفلاسفة ، الى غير ذلك مما قد ذكرته من دعاويه.
__________________
(١) ـ او دعواك ... ومتعلم : ـ A (٢) ـ وانكسرت عليك : +A (٣) ـ التعلم : التعليم A (٤) ـ ساسة : سامةB (٥) ـ يفيضها : يفيض AB (٦) ـ العالم بابنية : العلم بانبوه C (٧) ـ كان : وكان B (٨) جملته : جمله C