الفصل الخامس
(أعلام محمد (ص) فى الاسلام)
(١) ووجه آخر من دلالاته وأعلامه ، أمور حدثت فى العالم ، دلّت على نبوّته ، مثل : حديث كسرى وإيوانه وسطيح الكاهن. فانّه لمّا كان فى اللّيلة التى ولد فيها رسول الله (ص) ارتجس إيوان كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة ، فاهتمّ لذلك كسرى ، وجمع وزراءه وموابذته ، وسألهم عن الحال فيه. فقال له الموبذان الأكبر : أنا رأيت فى هذه اللّيلة فى منامى إبلا صعابا تقود خيلا عرابا ، قد قطعت دجلة ، دخلت من بلاد العرب ، فرعت فى بلاد العجم. وما لبث إلا قليلا حتّى أتاه كتاب من عامله بفارس : أن نار فارس طفئت فى تلك اللّيلة ولم تطفأ قبل ذلك بألف عام. فهّمه ذلك ، واستقصى فى البحث عنه. فقالوا : حادثة تكون فى بلاد العرب! فكتب إلى النّعمان بن المنذر ليبعث إليه رجلا عالما يسأله عن أشياء. فبعث إليه عبد المسيح بن عمرو بن نفيلة العبادى. فلما قدم عليه سأله عن ذلك ، فقال : علم هذا عند خال لى بالشّام ، اسمه سطيح. فجهّزه وأخرجه إليه ليسأله. فخرج حتّى قدم عليه وهو بآخر رمق ، فوقف عليه ، وقال : «أصمّ أم يسمع غطريف اليمن» ، فى سجع له. فلما سمعها سطيح ، رفع رأسه وقال : عبد المسيح جاء إلى سطيح وقد أوفى على الضّريح. بعثك ملك ساسان لارتجاس الايوان ورؤيا الموبذان وخمود النّيران. قال : نعم ، فما تقول فى ذلك؟ قال : إذا كثرت التّلاوة وفاض وادى السّماوة وغارت بحيرة ساوة ، بعث