الرّؤساء ، وما كانوا عليه من حسن التّدبير والسّياسة ، وإن كان منكرا لنبوّتهم ، فهو معاند (١) مكابر دافع للعيان (٢) ؛ فانّ هذه الاسباب لا تعزب عن أفهام النّاس من المخالفين والمؤالفين ؛ وهم يشاهدونها (٣) بعقولهم وإن كانت أمورا (٤) قد انقضت.
(١٨) وإذا (٥) كان الامام بالصّفة التى وصف بها (٦) هؤلاء الرّسل (ع) من البراعة والعقول التّامة ، لا يجوز ، أن لا يعقل أحدهم ما يتكلّم به ، وأن يخفى عليه من تناقض كلامه واستحالته (٧) ، ما يعرفه غيره مثل الملحد وأشباهه. فهلّا تدبّر الملحد هذا الشأن ، وهلّا علم (٨) أنّ أمثال (٩) هؤلاء (ع) لم يخف عليهم ما ادّعاه الملحد من التّناقض فى كلامهم ، والاختلاف فى رسومهم ، ومخالفة بعضهم لبعض فى شرائعهم وفى كتبهم والأخبار التى رويت عنهم ؛ أفتراهم كانوا لا يميّزون ما يقولون ، ولا يعرفون منه مقدار ما عرفه الملحد حين قال : الآن ننظر فى كلام القوم وتناقضه؟ فهلّا تدبّر (١٠) هذه الحال ، وتأمّل ما كانوا عليه من الكمال ، وجمعهم لكل محمود من الخصال ؛ وهلّا حكم فى كلامهم حسب (١١) ما ادّعوه من ضرب الامثال؟!
وإنما ذكرنا هذه الصّفات التى كانت فيهم ، ليعرف العاقل المميّز المنصف ، أنّ أمثالهم فى العقول التّامة والافهام الكاملة ، ومع هذه الاسباب العظيمة التى كانت منهم والخصال الجميلة التى كانت فيهم ، لا يجوز لأحد أن يحكم عليهم ، أنّهم تكلّموا بكلام متناقض ، ورسموا رسوما متناقضة ،
__________________
(١) ـ معاند : + وA (٢) دافع للعيان : دافع العيان A (٣) ـ يشاهدونها : + هاA (٤) امورا : امرA ، امورBC ـ (٥) ـ واذا : اذA (٦) وصف بها : وصفناA ، وصفنا بهاB (٧) ـ استحالته : استحالةABC (٨) ـ هلا علم : هل العلم A (٩) امثال : مثال C (١٠) ـ تدبر : تدبره C (١١) ـ حسب : حسن A